صحيفة المثقف

الساعدي وبينالي فينسيا

عندما نزلنا في بشتاشان ومن ثم من قبلها الى مقرات اخرى تضج بالحيوية والنشاط والامل، التقينا بقاسم الساعدي، كنا فتيانا او شبانا، وجدناه يحمل فرشاة اسنان، وظن البعض بانه "بطر" في العزلة الجبلية،  بل انه مجرد ان تعبر ساقية صغيرة تكون في تركيا وحين تعبرها بالاتجاه المعاكس تكون بشمال العراق، فهي اقصي نقطة على الحدود،  لا اذكر اين التقيت به،  ربما بدمشق، فسألني اين فرشاتك؟ وبما انني اعرف بانه فنان تشكيلي مميز ومعروف على نطاق واسع عراقيا وعربيا ودوليا لاحقا، قلت له اي فرشاة؟! فضحك وقال "زين" والمعجون؟ فسألته اي معجون!! والتفت الى مجموعتنا وقال سمعتم.. وضحكنا ضحكا كما لو لم نضحك من قبل، لفت انتباه الجميع في المقر .واوصانا بضرورة توفير فراشاة ومعجون اسنان لكل واحد منا وبين ان ذلك يعادل حمل السلاح؟! ولم نمكث كثيرا معهم سوى بضعة ايام دعاني فيها أبو محمود لأمسية خاصة من العرق والزيتون التركي،  فكانت شبيهة بالحلم في تلك المناطق الجبلية النائية  .

ورغم ان الكتابة عن الفنان الساعدي لا تحتاج الى مناسبة، ولكن ما ذكرني بذلك اللقاء الغريب بتوقيته ومكانه،  خبر نشر بجريدة طريق الشعب عن الفنان، فقد رشح لتمثيل العراق وهولندا في بيناليه فينسيا للسنة القادمة، وهو حدث عالمي وفني يعد الاكبر على صعيد الفنون التشكيلية،  لذلك فان الدول تعتني بشكل استثنائي بانتقاء الفنانيين الذين يمثلونها فيه، فجاء ترشيحه من دولتين شهيرتين ومهمتين في مجال الفنون وبالذات الفنون التشكيلية وفن النحت الذي ينفرد به العراق ويتميز عن باقي الدول المعروفة بالفنون التشكيلية والنحت، منذ الحضارة السومرية وامتداداتها وصولا الى نصب الحرية الشهير لجواد سليم في بغداد.

فاذا اقر ترشيحه بشكل نهائي، ولو ان مجرد ترشيحه، يشكل بحد ذاته اعترافا بفنه وتميزه على صعيد الفنون التشكيلية العربية والعالمية،  لتمثيل هاتين الدولتين المهمتين على صعيد الفنون التشكيلية في بينالي فينسيا الشهير، عليه ان لا ينس الفرشاة ومعجون الاسنان، رغم انني متأكد بانهما معه اينما يذهب، لانهما من اولوياته،  وليكونا هذه المرة معادلا للوحة من احدى لوحاته الرائعة بدلا من السلاح ..

يليق بالعراق وهولندا العريقتين، ان يمثلهما الفنان قاسم الساعدي، ببينالي فينسيا للفنون التشكيلية، فنا وابداعا .

 

قيس العذاري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم