صحيفة المثقف

إخفاقات المنبر الحسيني!!

نستمع في طول أيّام السنة إلى عشرات بل مئات المجالس الوعظيّة الشّيعيّة من على منابر المساجد والحسينيّات والمراكز والفضائيّات المختلفة، وهي جهود مباركة ومُخلصة لا نشّك في نواياها وأهدافها وتديّن وورع شخوصها إن شاء الله، ولكن أسمحوا لي أن أطرح تساؤلاً يتضمّن جوابه اعترافاً بحقيقة قد يشاركني بها كثير من الخطباء المنصفين أيضاً وهو: لماذا لا تؤثّر هذه المنابر على نفوسنا وسلوكنا وواقعنا، ولماذا لا تبعث فينا الأمل في الحياة بدل تخديرنا وتكرار المكرّر علينا؟!

ربّما يقترح كثير منّا أسباباً عدّة لذلك، وربّما تكون بمجموعها صحيحة، ولكنّي اعتقد إنّ جوهر المشكلة يعود إلى: الأجور الماليّة الّتي تمنح للخطيب؛ فحينما يصل الخطيب المحقّق إلى قناعة بحثيّة معيّنة يعتقد بصحّتها وضروة طرحها لكنّها تخالف رأي جمهوره، فمن الطّبيعي أن يجنح إلى تركها؛ لأنّ طرحها يخالف الشّروط الصريحة أو الضمنيّة لعقد الإجارة الّذي اتّفقوا عليه فيما بينهم، وبالتّالي فإنّ أيّ إخلال فيه يوجب عدم استحقاق أجرة العقد؛ وحينما يصل الخطيب المحقّق إلى رؤية تُسهم في زيادة الوعي لدى جمهوره لكنّها لا تتّفق مع مرجع تقليد صاحب المسجد أو الحسينيّة أو المركز أو الحزب أو الفضائيّة الّتي يظهر فيها فلا شكّ إنّه سيضطرّ إلى حجبها؛ لأنّ طرحها يخالف الاتّفاقات الصّريحة أو الضّمنيّة في عقد الإجارة الّذي جلبوه على أساسه... وهكذا عشرات من الفرضيّات الأخرى الّتي لا أجد نفسي بحاجة إلى ذكرها، بل يشعر بها كثير من الخطباء المنصفين كما أسلفت.

وفي عقيدتي: متى ما خلّصنا المنبر الحسيني من الأجور ستؤثّر حينذاك خطابات وبيانات الخطيب المُخلص والمحقّق أيّما تأثير؛ وذلك لأنّها تخرج من القلب والعقل، لا تراعي مصالح صاحب المسجد والحسينيّة والفضائيّة، وليس لها علاقة بالحزب والمرجعيّة الّتي تقف خلفهم، ورحم الله ذلك الباحث الّذي شخّص المشكلة قبل ما يربو على نصف قرن حينما قال: «والوعظ متى أصبح بالإيجار فلا أثر له في النّفوس».

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم