صحيفة المثقف

الاستفادة من خبرات المتقاعدين في بناء البلد

بلدنا يمرّ يظروف غير طبيعية وخاصة في الجانب الاقتصادي ويتطلب شحذ الهمم من الجميع لإعادة البنى التحتية التي أصابها الكثير من الإهمال نتيجة أسباب عديدة منها سوء الأداء الحكومي والتحديات الارهابية الخطيرة التي استنزفت الكثير من موازنات البلد لأعوام طويلة والفساد الذي ضرب بأطنابه في جميع مؤسسات الدولة والذي بسببه خسرنا ملايين الدولارات ضاعت في جيوب الفاسدين تحت أنظار الحكومة والبرلمان والقضاء دون أن يأخذوا قصاصهم العادل.

مرحلة البناء المقبلة وتجاوز الأخطاء الكبيرة التي حدثت في المراحل السابقة يحتاج الى نيّة حقيقية من الحكومة ويحتاج الى تخطيط علمي سليم لتعويض مافاتنا وهو كثير ولغرض أن يكون التخطيط صحيح نحتاج الى زجّ الكفاءات العلمية وذوي الخبرات الطويلة والاستفادة من خبراتهم الطويلة والمتراكمة في جميع الاختصاصات وخاصة من المتقاعدين الذين يحملون من خبرات متراكمة كبيرة جاءت عبر سنوات طويلة من العمل والممارسة والدورات التطويرية داخل وخارج البلد والتي أنفقت عليها الدولة مبالغ كبيرة, فلماذا تهمل هذه الخبرات الوطنية وهي كنوز من المعرفة يمكن الاستفادة منها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلد وهذا ماتفعله معظم الدول المتطورة بالاستفادة من خبرات المتقاعدين خاصة اذا ماأخذنا بنظر الاعتبار قضيتين مهمتين الأولى أن المتقاعد أصبح متفرغاً بالكامل ولديه وقت فراغ كبير وعند إشراكه في أي نشاط فانه سيعمل على إثراء هذا النشاط بالكامل لسد هذا الفراغ, والثانية ان المتقاعد لديه الاستعداد للمشاركة بأي نشاط لتحقيق التوازن النفسي واعادة الثقة له حتى ولو كان مقابل أجر متواضع لأن تركيزه واهتمامه بالجانب المعنوي أكثر من الجانب المادي, ومابالك اذا كان التكليف فيه مصلحة الوطن فأنا على يقين بأن المتقاعد سيعطي عصارة خبراته وبكل تفاني وإخلاص من أجل هذا الهدف السامي, والفائدة ستكون كبيرة للبلد وتوفر المليارات من الدنانير التي تمنح للهيئات الاستشارية الحالية التي تم تعيينها بالمحسوبية والمنسوبية وهي جزء من حالة فساد كبيرة وآن الأوان لإنهائها.

في اعتقادي يمكن استثمار خبرات المتقاعدين المتقاعدين في المجالات التالية :

1. إشراكهم في عملية التخطيط الاستراتيجي السليم ووضع الخطط التنموية بأنواعها المختلفة التي تنهض بالبلاد وتتجاوز جميع مشاكله الاقتصادية.

2. الاستفادة منهم في التدريب ليساهموا بإعداد كوادر إدارية وفنية كفوءة تنهض بمستوى مؤسسات الدولة.

3. التواصل معهم بإشراكهم في المؤتمرات والندوات التي تقيمها مؤسسات الدولة حيث تتيح لهم طرح أفكارهم وخبراتهم ومقترحاتهم من خلال إلقاء المحاضرات أو النقاش المباشر وتبادل الآراء التي تصب في الصالح العام.

4. الاستفادة من خبراتهم الادارية والفنية في تنفيذ المشاريع المختلفة من خلال تعيينهم بعقود مؤقتة في مختلف الحلقات المهمة للمشاريع وسيترجمون عصارة خبراتهم النظرية والعملية لنجاح المشاريع .

5. تشجيعهم على كتابة الدراسات والبحوث العلمية والكتب في اختصاصاتهم وتبني طباعتها والاستفادة منها لتطوير أداء المؤسسات.

6. الاستفادة منهم في الأعمال التطوعية في جميع مجالات التدريب والتأهيل وغيرها.

لو تم تبني هذا التوجه من قبل الحكومة سنحقق فوائد مهمة أهمها النفع العام للبلد وتوفير أموال كبيرة تهدر على الهيئات الاستشارية بدون جدوى وكذلك ستكون فائدة للمتقاعدين بتحقيق الاستقرار النفسي والمعنوي لديهم وديمومة التواصل مع المجتمع وتفجير طاقات الإبداع الموجودة لديهم إضافة لتحسين دخولهم المادية.

أتمنى أن تلتفت الحكومة لهذا الأمر وهناك تجارب كثيرة ومحترمة في العالم يمكن الاقتداء بها منها (هيئة الخبراء المسنين) في ألمانيا والتي تضم أكثر من 5000 خبير ومتقاعد في جميع القطاعات ويتم الاستفادة منهم في التخطيط الاستراتيجي للبلد وكذلك يعملون على تقديم الخبرات الاستشارية المجانية لكثير من الدول النامية, وكذلك ماعملته الولايات المتحدة الأمريكية في إنشاء (جمعية المتقاعدين الأمريكيين) التي يتم الاستفادة منها في كثير من الأمور الهامة ومنها في تنظيم الأرشيف الوطني الأمريكي في جميع القطاعات.

 

رائد الهاشمي - باحث وخبير اقتصادي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم