صحيفة المثقف

الموصل تتحرر .. عسكريا

سبق ان كتبت تحت نفس العنوان في صحيفتين مع بدء عمليات تحرير الموصل من "داعش" : "الموصل تتحرر"، نحن الان على مشارف تحرير المدينة من عصابات "داعش" هنالك اسئلة كثيرة بدون اجابات، رغم الاخبار المفرحة بتحرير احياء الموصل وسكانها من داعش الذي خرب حياتهم خلال احتلاله وعبثه في المدينة،ونجهل الرقم الحقيقي للضحايا المدنيين؟ كذلك خسائر قواتنا العراقية،كما حدث من قبل في الفلوجة وسواها من المدن العراقية في شمال اوغرب العراق .بينما الشفافية يجب ان تكون حاضرة ليعرف الشعب حجم خسائره الحقيقية التي تسبب بها داعش منذ العام 2014 عام اكتساح مدن وقصبات العراق الامنة بغفلة او بتواطؤ .. فنحن حقيقة لا نعلم الكثير من اسرار ظهور داعش بهذه القوة..فجأة ؟!،

نشعر بتفاؤل بطبيعة الحال ان تعود الموصل الى اهلها قريبا، رغم التخريب والخسائر الفادحة جراء تحرير المدينة من داعش، فحين يرحل المجرمون ستبقى افكارهم التكفيرية الغريبة عن العراقيين مدة طويلة،تحتاج الى عمل وجهد حتى تعود الحياة بشكل طبيعي. خاصة الاطفال الذين عمل داعش على تغيير سلوكهم او نمط تفكيرهم لتحل الكراهية، والتكفير  والتطرف الاعمى، والحقد، بدلا عن السلام والتسامح وقبول الاخر، التي دعا اليها ديننا الحنيف .

وحل المشكلة  ليس صعبا تشكيل لجان مهنية مختصة او مسؤولة تكشف خفايا ما حدث منذ العام 2014 الى حين تحرير اخر مدن العراق من داعش،الخسائر البشرية التي تكبدها العراق لا تحتمل ان تمر مثل هذه الحقبة المظلمة من تاريخه بدون تسليط الاضواء على خفاياها واسرارها تفاديا تكرار ما حدث.، اضافة الى دراسة تاثيراتها السلبية على السلم الاهلي في مجتمع متنوع بانتماءاته الثقافية والدينية،

عمل هذه اللجنة قد يكون من اسهل اعمال الفرق المهنية والمتخصصة بكشف ملابسات الحروب الصغيرة منها والكبيرة، لان الكاميرات سجلت كل صغيرة وكبيرة بشكل يومي قبل واثناء البدء بتحرير مدينة الموصل، وسجلت كذلك مواقف الاطراف السياسية واحصاء اعداد النازحين من هذه العمليات، ستساهم بمعرفة افضل لهذا التنظيم الاجرامي المنحرف ومن يقف وراءه ويموله ويدرب منسبيه، او يسهل لهم الوصول والانضمام للتنطيم، وبالتالي كشف هذه الحقائق امام الراي العام،بعد ان وقف على اعمال التنظيم الشنيعة ضد المدنيين والعمران وتخريب الاقتصاد ومصادرة الحريات والقمع والتعايش السلمي في مجتمع متنوع بانتماءاته الثقافية والدينية .

الفرصة ما زالت سانحة لجمع المزيد من المعلومات حول ما جرى في مدينة الموصل، وهنالك اعداد هائلة من النازحين وشهود العيان بقيمون في المخيمات حول او قرب مدينة الموصل، يمتلكون معلومات ثمينة عما حدث، وربما  طرق تمويل داعش اواعماله الشنيعة ضد المدنيين والسكان،

كما وثقت اعمال الابادة  ضد الايزيديبن من قبل الناجين من سكان قرية هكار الايزيدية، هذه القرية الوادعة والمسالمة بسكانها وطبيعتها في سنجار . وممارسات داعش في الموصل ضد مكونات نينوى من الطوائف العراقية المسالمة .

ورغم مطالبتنا بالتعامل بشفافية بكشف الحقائق اما الراي العام حول ما حدث في الموصل، ما زلنا نجهل ما حدث في الانبار ومدن غرب وشمال العراق قبل وبعد تحريرها من قبضة داعش، وربما هذا احد اسباب عودة نشاطات التنظيم ببن حين واخر في بعض مدن وقصبات الانبار اوتنفيذه عمليات نوعية يذهب ضحيتها العشرات من المدنيين الابرياء وتنفيذ عمليات انتحارية في العاصمة بغداد رغم تحرير هذه المناطق من داعش في العام 2016 والحقيقة رغم تحرير هذه المناطق عسكريا من داعش لا يمكننا تسميتها مناطق امنة لان نشاطات التنظيم ما تزال مستمرة وسيطرته على الكثير من القصبات تتيح له العمل بحرية في مناطق شاسعة في الانبار او المناطق الغربية من العراق وصولا الى بغداد .

وليس كافيا في كل الاحوال ان نعتبر فترة بروز داعش وهزيمته، فترة مظلمة بتأريخ العراق،علينا توثيق احداثها وفظائعها والخسائر التي تسببت بها،وكذلك القوى التي دعمت "داعش" داخل وخارج العراق، وعرض هذه الحقائق امام الرأي العام ليعرف بشكل توثيقي ومهني وحقيقي، لماذا سمبت فترة مظلمة بتاريخ العراق ودول المنطقة .  

"الموصل تتحرر" وستتحرر ، نعم، وتعود الى اهلها قريبا..

ولكن  سنبفى مترددين بتسميتها مناطق امنة، كما كنا نسمي مناطق غرب العراق، مناطق امنة بعد تحريرها عسكريا من داعش .ولحسن الحظ اننا نمتلك كميات هائلة من الصور والافلام والفيديوهات عن هذه الحقبة المؤلمة من تأريخ العراق من بداية ظهور داعش الى اخر لحظات هزائمه في الموصل .

 

قيس العذاري

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم