صحيفة المثقف

لماذا انسحبت أميركا من اليونسكو؟

raed alhashimiأعلنت الولايات المتحدة رسمياً انسحابها من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) اعتبارا من 31 كانون الأول القادم وذلك لمعاداتها لإسرائيل كما جاء في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، وأشارت الوزارة إلى أنها أبلغت المنظمة بالرغبة في استمرار التعاون مع المنظمة بصفة مراقب غيرعضو للمساهمة في القضايا المهمة التي تتولاها اليونسكو ومنها المشاركة في حماية التراث العالمي وهذا القرار تبعه سحب الدعم المالي الكبير الذي كانت أميركا تقدمه للمنظمة، ولقد تم توقيت هذا القرار في وقت حرج حيث تشهد المنظمة عملية انتخابات مصيريّةٍ وحسّاسة لانتخاب المُدير العام لها، وكانت المُنافسة منحصرة بين ثلاثة مُنافسين من بينهم اثنان من العَرب، هُما القطري الدكتور حمد الكواري، والمصرية مشيرة خطاب، إلى جانب الفرنسية من أصلٍ يهوديٍّ مغربي اودريه ازولاي، ابنه السيد اندرية اوزلاي، مُستشار العاهل المغربي محمد السادس، ووالده الرّاحل الحسن الثاني من قِبله، وقد أسفرت هذه الانتخابات بعد عدة جولات عن فوز وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة اودريه ازولاي.

لو بحثنا عن السبب الرئيس وراء اتخاذ أميركا هذا القرار لوجدناه واضحاً وجليّاً وهو موقف هذه المنظمة الأممية من قضية فلسطين والذي يتعارض مع المصالح الأمريكية – الاسرائيلية حيث قامت المنظمة بقبول دولة فلسطين عُضوًا فيها وكذلك إعلانها رسمياً في تشرين الثاني عام 2016 بأن المسجد الأقصى تراثٌ إسلاميٌّ خالص ولاعلاقة لليهود به، ولا سيادة لهم على المدينة المُحتلّة، وإدانتها لأعمال الحَفر التي تَقوم بها سُلطات الاحتلال الإسرائيلي، ويَستهدف جانبًا مِنها المَسجد الأقصى، وقد جاءت قرارات المنظمة التي صَدرت بهذا الخصوص بعد تصويتٍ حُر نزيه شفاف شاركت فيه جميع الدّول الأعضاء، تحت رئاسة السيّدة البلغارية ايريما بوكوفا، التي جَرى انتخابها لفَترتين مُتتاليين لحِياديّتها وجُرأتها وانحيازها للقضايا الثقافيّة والإنسانيّة العادلة.

ومايؤكد هذا الكلام هو موقف حكومة الكيان الصهيوني الذي جاء سريعاً حيث رحّب رئيس الوزراء نتنياهو بقرار الولايات المتحدة الانسحاب من اليونسكو. وقال: ان هذا القرار شجاع وأخلاقي لأن منظمة اليونسكو أصبحت مسرح عبث، وبدلاً من الحفاظ على التاريخ قامت بتشويهه، وأمر نتنياهو وزارة الخارجية الإسرائيلية بتحضير انسحاب إسرائيل من المنظمة بالتوازي مع الولايات المتحدة،وهذا مايؤكد الاتفاق الكامل بين الحكومتين الأمريكية والاسرائلية وتوحيد الرؤيا الواضحة حول اتخاذ هذا القرار وفي اعتقادي ان هذا القرار جاء أيضاً للضغط على المنظمة الأممية لتغيير موقفها المعادي لاسرائيل وسيراقب الحليفين الاستراتيجيين الأمريكي والاسرائلي أداء المنظمة في الفترة المقبلة تحت رئاسة الفرنسية أزولاي وستستمر بممارسة الضغوط الكبيرة خاصة من الناحية المادية لإجبار المنظمة على تغيير موقفها وفي حالة نجاح هذه الضغوطات فمن المؤكد عودة أميركا واسرائيل الى عضوية المنظمة، حيث أنهما لايريدان خسارة مثل هذا المنبر الأممي الهام في إحكام سيطرتهما ونفوذهما على العالم، وستتبين في الأشهر القادمة صحة توقعاتنا.

 

رائد الهاشمي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم