صحيفة المثقف

مع فاديا عيسى ونصها: نص من نوع آخر

sardar mohamad2كل نص لفادية هو من نوع آخر، وأقصد في طرحه وسرده لكن محوره الأساس إيروسي يصوّر الغريزه الجنسية بشكل راق يتصدى لانحطاط المجتمع الذكوري

(إناثاً وذكوراً) .

إناث اقتنعن بسيطرة المجتمع الذكوري المقهور أساساً بجور السلطة.

إن وصف فاديا بالجرأة انتقاص لفكرها وعقلها ومبدأها ومن ثم نتاجاتها، ولأن الذكورة تعرف ماذا تريد فاديا لكن الذكورة تتخاذل أمام سؤال وجيه : جريئة في ماذا؟

تاريخياً وجدت مَن هن شجاعات وجريئات أكثر من فاديا في وصف الغريزة الجنسية شعراً ونثراً لسبقهن، ولو أنهن استعرن استعارات لا تخفي ما يردن قوله مباشرة .

ليلى الأخيلية عندما عيّرها النابغة بصريح القول لم ترتبك من تلفظه ألفاظاً تسمى في عرف المجتع الذكوري نابية ولم يأخذها الحياء

وردت بصريح القول وفي مجلس ذكوري :

وعيّرتني داء بأمك مثله   وأي جواد لا يقال له هلا

ومر زمان حتى بدأ زمان الوصل بالأندلس فصدح طير ولاّدة بنت المستكفي :

ترقّب إذا جن الظلام زيارتي   فإني رأيت الليل أكتم للسر

وقالت:

أمكّن عاشقي من صحن خدّي  وأعطي قبلتي من يشتهيها

وتسارع الزمن فوصلنا العصر الحالي سمعنا نوال السعداوي تستنكر وأمام الرجال والنساء وعلى شاشة التلفاز ربط الشرف بالبايولوجيا فقالت لو كان غشاء البكارة يعني الشرف فالرجال عامة بلا شرف لأنهم أساساً بلا غشاء بكارة .

فليس من المعقول بعد هذا التراث الضخم تنكص عنه وتخنس أديبة واعية كفاديا

بعد هذه المقدمة المطولة أعود لنص فاديا

النص قصة قصيرة

بطلتها امرأة وقفت على المسرح وكانت شاعرة معها صفحة بيضاء، ولهذه الصفحة البيضاء معنى رمزي (ملاحظة: انتبه لها الناقد الكبير جمعة عبد الله)

فهي رمز صفاء النفس والقلب والسريرة،

"ثم أخرجت ثدييها "عبارة إيروسية صريحة

كان بإمكان فاديا أن تستعير فمثلاً تقول

وكشفت عن صدرها

ولكن ليكون الوقع شديداً على الذكوريين

قالت

"فحبس الحضور أنفاسهم "

وفي المقطع الثاني الذي سمته تهكماً رجولة

"ثم خلعت ثوبها ورمته على الصف الأول من الحضور"

وغالباً ما يكون الصف الأول للقادة والسلطويين والسادة، وزادت بهم تهكماً فقالت "شهقوا شهقة الموت الأخيرة"

وفي المقطع الأخير

"هنا خلعت آخر ما تبقّى "

إذن هنا تعرّت عرياً كاملاً، فهذه هي الحرب وجلست كفأريرتعد وهذا هو السلم، غير أني لا أراه سلماً بل استسلاماً .

لي وقفات مع بعض ما في النص على قصره وكثافته

دأب الشعر العربي على اقتناص بعض الظواهرالتي عدّت انتباهات فيزياوية مثل

قول الشاعر : فأقبل مثل البرق يتبعه الرعدُ .

فالإنتباهة هنا فارق السرعتين فالصوت بطيء بالنسبة للضوء

ومثل القول المعروف :

كجلمود صخر حطه السيل من عل .

فاشتركت الكتلة الكبيرة (الجلمود) مع السرعة الكبيرة بسبب السقوط من (عل) بعبارة أخرى أن الزخم كبير لأن الزخم فيزياوياً ناتج من حاصل ضرب الكتلة بسرعتها

ومثال آخر

إن النجوم نجوم الليل أصغرها   في العين أذهبها في الجو إصعادا .

وفاديا في قصتها انتبهت إلى صفة الصوت الأنثوي الحاد عالي الدرجة (التردد)

ولكنه قد يكون واطي الشدة (العلو) فالمرأة صوتها ذو تردد عال ولكن يحتمل أن يكون عالياً مثل امرأة تصرخ ويحتمل أن يكون واطئاً مثل امرأة تهمس،

ففي المقطع الأول

"قالت بصوتها الأنثوي الحاد"

وفي المقطع الثاني

"وقرأت بصوتها الناعس"

وأشير في النهاية إلى أن لغة فاديا شاعرية تجعل السامع يظن أنه يسمع شعراً وهذا الأسلوب أو المسار نفسه التي اتخذته القاصة الكبيرة أحلام مستغانمي، وفاديا سوف تحتل موقعاً مائزاً في القص العربي لما لديها من امكانات عالية في السرد المكثف لكن هذا لا يمنعني من تبيان هنات لا تؤخر شيئاً مثل : فردت والصحيح أفردت ومثل : شهقة الموت الأخير فهذا يعني وجود موت أول وأظن تقصد شهقة الموت الأخيرة .

أرجو لفادية الخير والسلام، وقريباً أقول قريباً سنرى الأديبة العربية السوريّة فاديا عيسى قراجة نجمة لامعة في سماء السرد العربي الحديث .

 

سردار محمد سعيد

نقيب العشاق بين بين بيخال وبنج أب .

....................

للاطلاع

نص من نوع آخر / فاديا عيسى قراجه

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم