صحيفة المثقف

النبض الأخير

عقيل العبودالليل قرر ان يغفو عند حافة رصيف أتعبه الجوع، أغطيته التي تلبدت بها رائحة الإعياء، هي الاخرى تنحت عن مكانها، صار عليها ان تستريح.

البرد ابتعد عن حرارة صيفه، تضامنا مع وسادة أشقى نهاراتها العناء.

حامل الرغيف ما زال واقفا عند واجهة اتكأ الغروب عندها بحثا عن بقعة من الارض يراود رموشها النعاس.

النهار بتثاقل راح يخط أقدام اقامته.

السيارات ما زالت يضج بها الشارع، أصوات المحركات لم تغفو بعد، المحلات أكثرها غادرها العاملون، الا تلك الواجهة التي لم تغلق ابوابها أملا باستقبال اعداد اخرى من المتسوقين.

النعاس ما زال ينتظره ذلك الزحام، ربما لكي تاخذ نصيبها تلك الأقدام، التي لم يهدأ لهاثها بعد.

الرأس ما زال يمضي بذلك الجسد بحثا عن مكان ينام عنده الفقراء.

الوردة تلك، التي أهدتها إياه عاملة المقهى مع وعاء قهوة كارتوني بمناسبة عيد الاب، كانت تبحث هي الاخرى عن مكان ينام بين أحشائه المتعبون.

النبض ذلك الاحتجاج، قرر ان يتباطأ اكراما لحركة تلك العقارب؛ راح يمشي متباعدا، يمضي نحو نهايات مجهولة.

الليل خطواته تبعثرت، صارت تهرول بتسارع نحو المكان، السيارات دويُّها اخذ يسرق السكون، القلب غفلة راح يضطرب خفقانه.

الجوع، العطش، الإعياء، جميعها هرعت الى اقرب سيارة اسعاف،

العرق بدأ يتصبب من الجبين.

الواقف، أقدامه لم تعد تحمل اثقال جسده، الكتلة تلك قررت ان ترتمي فجأة عند الزاوية.

الساعة كأنها راحت تبحث عن اتجاه اخر.

الشوارع قررت ان تأخذ قسطا من الفراغ تضامنا مع أصحابها الذين ينتظرهم مشوار رحلة بعيدة،

ساندياكو قررت ان تسافر الى لوس أنجلس،

الرجل انتحل شخصية اخرى، الضياء التي كانت تملأ الشارع بريقها راح يترنح. الألوان أسرارها كأنها تطوف بها أسوار الجنة.

هنالك جميع تلك الأصوات تداعت، تساقطت اشلاؤها،

الشمس تحرك صوبها ضوء القمر. العيون تلك التي احست برغبة الى النوم، قررت ان تستقبل احمرار الليل،

نسمات البرد هذه المرة احتضنتها اشراقة النهار، الوردة التي تداعى عطرها، فجأة قررت ان ترافق الرجل لترحل هي الاخرى مع ما تبقى لها من حياة.

عقيل العبود/ ساندياكو

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم