صحيفة المثقف

التابعة

صبيحة شبرطالما أرهقتني بطلباتها العسيرة، وانا اسارع الى تلبية كل ما ترجوه، وما تتمناه من أشياء قد تكون بعيدة، عن القدرة على التصديق، وكثيرا ما كنت أسمع نصائح جادة من أشخاص معروفين بالانصاف وحب العدالة، انني يجب ان انتبه لنفسي، وان أحرر ارادتي من الانصياع لرغباتها الكثيرة، والتي يرهقني الوفاء بها، وأمانيها المتزايدة على الدوام، ما دامت تجد مني مسارعة الى تنفيذ ما تأمرني به، استمع الى النصائح التي اعلم تمام العلم انها مخلصة لي، ولكن ماذا افعل واليد قصيرة كما تعلمون، وانا وحيدة والدي، وليس لي صديقات استمع لكلامهن، واسير حسب مشيئتهن الا سلوى، التي مهما بلغت سيطرتها على شخصي الضعيف المتواضع،الا انني أجد نفسي معزولة في هذا العالم الغريب، ان خاصمتني يوما لتقاعسي عن تلبية طلباتها الشاقة المؤبدة، حالما انتهي من اعداد واجباتي المدرسية،حتى أسارع الى منزل سلوى، استمع بانبهار يثير فيها الفخر، الى ما ترويه من حكايات، اعرف انها مبالغ فيها كثيرا، وقد لاتتضمن من الصحة الا خمسا في المائة، ولكن ماذا افعل وانا غريبة، لااحد يحدثني عن امره ويخبرني عن أحواله، وكيف قضى نهاراته؟، الا تلك المخلوقة التي مهما قالوا عنها، أنها متكبرة ومغرورة،الا انني اسارع الى منزلها كل يوم لأمتع نفسي برواياتها المثيرة للاعجاب .

ولا ابالي ان نعتني احدهم،باحدى الصفات البعيدة عن حقيقة شخصيتي، كل ما ارجوه ان اكون قريبة من محمود، ذلك الرجل الذي طالما داعبت شخصيته خيالي، اعرف انني امرأة لاتحسن التعبير عن نفسها، لاتظهر عليها عواطفها، ولكن من يعلم؟ ربما عرف بحالي، وما أقاسيه وانا ساهرة طوال ليلي، أتضرع الى الله ان يجعله يرأف بحالي، ولكن كيف يمكنه ان يهتم بأمري؟، وانا شبه خرساء، لااحسن الا خدمة صديقتي سلوى، والتفاني في ارضائها.

خلقني الله هكذا، لاأثير الالتفات، مع انني أحمل صفات ناصعة،كما يقول العارفون بكنه الامور وحقيقتها، سلوى حبيبتي قد تعرف حالتي، وقد اقتدي انا بها، فأصبح امراة تحظى بالاهتمام، وانا لااطمح الا بان يراني محمود، ويعرف كم أعاني من عذاب الوجد، ومن عناء الهوى،وما أقاسيه من ابتعاد الناس، الذين لاأبالي بأمرهم، الا هو المخلوق الأثير

لا احسن رواية الاحاديث، وان كنت اعرف الكثير من الحكايات، وحين اخبر سلوى باحدى الحكايات التي سمعتها، تسارع هي الى اضافة التوابل والبهارات الى ما سمعته مني، فتأتي قصتها اجمل من قصتي، واشد فتنة ومهارة، استمع اليها بشغف، متناسية انها من قصصي انا.

احل لها التمارين المدرسية، وأقوم بالواجبات الملقاة على عاتقها خير قيام، اذهب الى المكتبات لكتابة أحد البحوث، الذي طلبه الاستاذ منها، وانا راضية مغتبطة، ما دامت سلوى راضية عني، وحين تأتي نتائج الامتحان اكون عالمة بها في البداية، فانا لااحرز الا على الدرجات الدنيا، اما سلوى المجتهدة اللبقة، فانها تكون في مقدمة الناجحين والناجحات

اكوي لها ملابسها، واخرج انا مرتدية لباسي بلا كوي ولا ترتيب، انا طبيعية، لااحسن تزويق الأمور، والجري وراء المظاهر الخداعة، كل ما في قلبي يظهر على لساني، اقول للقبيح صراحة عن صفة القبح، دون ان اخشى شيئا، فابتعد عني الأصحاب، وتجنبني الأحباب، وكل منهم يجد انني لااحسن الصحبة، ولا احترم الصداقة،الا سلوى، بقيت ملازمة لي، تستقبلني في منزلها وتحدثني بحكاياتها الجميلة التي لاتنقضي.

انتم لا تعرفون صديقتي سلوى، الانسانة الخلوقة المبتسمة على الدوام، الطموحة التي تحسن معاملة الناس، الذين تهمهم المظاهر فقط، ولا يحاولون ان يعرفوا شيئا عن الجوهر، يشتري لي ابي الملابس الانيقة وحين ارتديها، تبدو على جسدي بالية عتيقة، وحين ترتديها سلوى تبدو ساحرة الجمال، الجميع يتغنى بفتنها وجلالها وبهائها، ان ذهبنا معا في نزهة او مشوار، سارت أمامي والجميع ينظر اليها بافتتان واعجاب، يظنون انني خادمتها، مع انها صديقتي الوحيدة.

افرح حين تحقق سلوى احدى امنياتها الكثار، ويتملكني السرور عندما تصل الى مبتغاها، أحببت محمود بصمت، دون ان احدث احدا بقصتي، كنت اهديه وردة فيظن ان سلوى هي الواهبة.

جاءتني يوما لتزف لي البشرى

- انت صديقتي الحبيبة، وسوف تفرحين لفرحي

يتحدثون عن الحب والغيرة، لماذا أغار ومحمود لم يلتفت لي يوما؟، اخفي شعورا بالمرارة يحيط بي، هل أظل هكذا شخصية هامشية؟ وكيف أتغير؟ والجميع يرى انني امّعه بائسة .

أشعر احيانا بضرورة ان أتغير، ولكن سرعان ما يصدمني سؤال غريب يلح علي باستمرار:

- لماذا التغير؟ وحلمي الوحيد أفل نجمه واندثر.

ألعق جراحي وخيباتي وانا ارسم ابتسامة، كل من رآها يعرف ان صاحبتها امراة بلهاء لايرجى شفاؤها

اتناسى اخفاقاتي، والازم سلوى، وألبي طلباتها

***  

صبيحة شبر

12 حزيران 2007

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم