صحيفة المثقف

المال والمال الطفيلي العراقي بين المآل والمحال

عقيل العبودتلك القصور والبساتين والعرصات المحاطة بالجدران، ما زلت أتذكر عائديتها، مثلما أصحابها الذين بقت منقوشة سيماهم، التي لم ترتسم في وجوههم فحسب، بل في نفوسهم امتزجت، لتمارس أقصى طقوس محبتها مع بذور إنسانية تجاوزت في أكرامها شراء الثياب والإطعام والحاجيات المنزلية، لتشتمل على تمليك العقارات والبيوت توددا لأولئك الذين معهم صانوا حرمة الأرض ونسجوا من بساطها بذور الحياة.

 لذلك ارواحهم على مدد السنين بقت تحكي تاريخ انتمائها الى حقول القمح والنخيل معطرة بذكريات اقربائهم وأحبتهم وذويهم والعاملين.

ذلك الإرث مناخه يقف اليوم شاهداً، يحكي قصصا عن عروش توارثها الطيبون عبر سلسلة من الأجداد والأحفاد والابناء بعفة وطهارة.

الناصرية آنذاك، بيت صاحب عجام، والذي يشبه قصور بابل بفخامته، بستان زامل المناع، بيت الحمداني، بيوت ودواوين الهداوي في سوق الشيوخ، بيت الحاج كاظم الشاهر ومعمل الثلج في سوق الشيوخ، اضافة الى شخصيات لم تزل كمثل ارشيف تم الاحتفاظ به تفاخراً منذ زمن ليس ببعيد.

هنا ليس تباهيا بالأملاك والممتلكات، ولكن باعتبارها معادلة الغنى بقيت تتماشى مع سيرتهم، أولئك الذين تركوا بصمات نبلهم في قلوب ابنائهم وأهليهم الى يومنا هذا لكأنها تستنكر مخاضات زمن ردئ.

هو المال الطفيلي* هذا الذي تفشى تسيبا مع لا مركزية السلطة وفقدان هيبة الحكومة، يرسم في مخالبه انحطاطاً وتدهورا بعد ان تجاوز حرمة القيم التي صانها الأوفياء، مذ تم الاستيلاء على موارد البلد النفطية والمعدنية والمائية والبشرية من قبل احزاب السلطة وكياناتها التي تحكم اليوم تحت غطاء ما يسمى بالعراق الجديد.

 

عقيل العبود 

................

ملاحظات توضيحية:

- المآل: ما ال اليه توزيع الرواتب الضخمة، والقرارات المجحفة، والتفريط بالثروات والموارد، لتكون بيد غير أصحابها الشرعيين.

- المحال: حيث في ظل عصر التسيب، تحول الدائن الى مدين، ونهبت وصودرت عقارات، وعقدت صفقات، وأشيعت ظاهرة التحايل بين هذا وذاك، حتى تحول السارق الى حاكم، والجاهل صار بموجب التشريعات الجديدة عالما ومستشارا، وهكذا. 

- المال الطفيلي نتاج التحايل على عائدية الأموال الخاصة بميزانية الدولة، أوما يمتلكه الأفراد.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم