صحيفة المثقف

لندقق النظر فنعرف قيمة الشيء

محمد غانيفي كثير من الاحيان نقوم بزيارات لاشخاص نعرفهم، يقدمون لنا الاكل في اطباق عتيقة قد لا نقدر قيمتها الا ان سمعنا شهادة اجنبي في حقها، قد نقرأ ورقة تاريخية دون ادنى اهتمام معلقة في جدران منزل احدهم بينما ان قرأها متخصص في التاريخ او في الاركيولوجيا لذهل من تواجدها في ذلك المكان عوض وضعها باحد المتاحف.

هكذا حالنا ليس مع الوثائق التاريخية والمزهريات العتيقة والديكورات القديمة، بل حتى مع كتبنا وتراثنا الذي يحوي العديد من والدرر الجواهر الثمينة التي ينبغي اعادة قراءتها ووضعها في سياق جديد حتى توظف خير توظيف في مسيرة نماء عقلياتنا وافكارنا في تناغم شديد مع واقعنا المتطور المتجدد.

تدقيق النظر ينفع اكثر في قراءة الإيمايلات المتواردة على صندوق بريدنا الالكتروني، فعدم التمعن فيها قد يضيع فرص حضور مؤتمر أو محاضرة ما، كما قد يظهر عدم اهتمام بامر ذي اهمية، أو قد يتسبب في سوء فهم لأمر ما، لذلك فقراءة بتمعن وتدقيق، قد تكون سببا في نجاح مبهر وسبق وفوز محتوم. 

عدم التدقيق قد يتجاوز العين الى الاذن، ذلك ان الإصغاء الجيد ايضا له دوره في الوصول للمطلوب وعدم الإصغاء بشكل حسن قد يكون عائقا كبيرا لتحقيق الأهداف، فان عدم التركيز عند الإستماع على مكالمة مهمة قد يفوت رمزا سريا لدخول تطبيق ما، أو قد يفوت موعدا مهما كمقابلات التوظيف مثلا وغيرها.

عدم الانتباه اثناء القراءة أو الاصغاء قد يفوت الحفاظ على علاقة ما بسبب سوء الفهم الذي يمكن ان يحصل بين شخصين طلب احدهما قرضا من الآخر، لم يدقق الثاني في المبلغ فارسل مبلغا دون المتوقع، فتوهم الاول عدم المبالاة بشخصه مما سبب قطيعة كبرى بين الاثنين.. وهكذا.

ان التدقيق والتركيز قنطرة تواصلية بليغة ليس فقط بين الاشخاص بل ايضا بين النية وتحقيقها، لذلك تجد الجرائد اكثر الهيئات اهتماما بالتدقيق اللغوي لمعرفتهم اكثر من غيرهم باهميته التواصلية مع القراء في ارسال رسائلهم الصحفية الاخبارية.

فقدان التدقيق في الاشخاص والهويات قد يتسبب في أخطاء قاتلة كتفويت رحلة مهمة او خلط بين الأنساب او تسلم مبالغ مالية مغلوطة المستلم، الى غير ذلك من الأعطاب التقنية التي يمكن تفاديها إما باصغاء جيد او قراءة متمعنة.

تتجاوز القضية سليمي البصر وجيدي السمع الى الصم والبكم فهم بدورهم محتاجون في مجالهم للتدقيق والتركيز فكم من اشارة قد تفهم مغلوطة ان لم يصاحبها تركيز المتحدثين بها، بل وقد تتسبب ترجمة مغلوطة لها في المحاكم لإدانة أبرياء، ولكن في الأخير كم هي جميلة وسائل الاتصال الحديثة التي مكنت هؤلاء الفئة من التواصل فيما بينهم بهواتف مرئية  وتطبيقات خاصة يتم تحميلها من اجل تفاهم أفضل فيما بينهم بلغة الميم.

 

د. محمد غاني، كاتب- المغرب

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم