صحيفة المثقف

نظرة في نشأة المدرسة الوحشية

المقدمة: تعرف الوحشية بعدها مدرسة من مدارس الفن التشكيلي، على أنها اتجاه فني يقوم على التقاليد التي سبقته مع مطلع القرن العشرين، إذ اهتم مرتادوها بالضوء المتجانس والبناء المسطح فكانت سطوح ألوانهم تتألف من دون استعمال الظل والنور، أي من دون استعمال القيم اللونية، فقد اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة فقط.

مما جعل من خصائصها كمدرسة أو مذهب فني ، يكمن في " عنف التباينات، والثورة اللونية، وانفجار الألوان، وأسبقية اللون على الرسم وسرعة الإنجاز" وهذا التحول بمثابة قطيعة عما كان يشغل فيه الضوء والظل من أساسيات الرسم التي يبدأ من خلالها الشخص الولوج إلى فن الرسم، ؛ لكن فنانِين مشهورين في أوروبا خالفوا هذه القاعدة في مطلع القرن الماضي، مستعملين أسلوباً يعتمد على اللون بشكل أساسي، وهو ما جعل الرسوم تظهر كأنها تعبر عن الخوف والرعب.

والوحشية مدرسة في فن التصوير ظهرت في أوائل القرن العشرين في مدينة باريس، وتمثل المرحلة الفرنسية للمدرسة التعبيريةExpressionnisme التي ظهرت نتيجة الثورات الفنية المتلاحقة التي بشر بها منذ حقب سابقة كل من الفنانين جويا Goyaودولاكروا Delacroix وتورنر Turner، وتفجرت رسمياً في المدرسة الانطباعية Impressionnisme بريادة الفنان مونيه Monet ورفاقه، ووصلت قمتها بأعمال الفنانين الكبار الثلاثة فان غوغ van Gogh، وجوجان Gauguin، وسيزان Cézanne، وكانت المدرسة الوحشية قمة هذه التطورات و الانتقالات الفنية في أكثر من مجال .

اذ بدأ مؤسسوها في نحو عام 1904م بالرسم وكان لها ثلاثة مَعارض، وكان قادة الحركة كل من أندريه ديرين وهنري ماتيس. في عام 1906م ، فلما شاهدها الناقد لويس فوكسيل، وشاهد تمثالاً للنحات دوناتللو قال لدوناتللو إنه وحش من الوحوش. تلك التسمية التي أطلقها فوكسيل على التمثال تحولت لاحقاً إلى اسم لهذه المجموعة، وأصبح أسلوبهم الجديد له تسمية هي "الوحشية". فنقول هنا إنه أبرز التغيرات التي أحدثها رواد أو أعلام هذه المدرسة هي عدم استعمال الظل والضوء أو بمعنى أدق الابتعاد عنه والميول نحو المصطلحات اللونية والألوان البارزة والمثيرة ، وهذا ما يخص التغيرات .

إما التسمية الوحشية فقد جاءت من استعمال اللون بكيفية معينة وجعله المركز في التأثير في الرسومات ، فضلا عما جاء من تسميتها من قبل احد كبار الناقدين الفنيين باسم " الوحش " على أحد الأعمال النحتية فقاموا باشتقاق هذا الاسم من كلمة الوحش وأيضا هذا يعكس قوة تأثير اللوحة أو النحت .

أبرز أسماء المدرسة الوحشية ، الرسام الفرنسي هنري ماتيس (1869-1954م )، إذ يعد زعيما " للوحشية ويعد أيضاً من كبار أساتذة المدرسة الوحشية، ومن أبرز الفنانين التشكيليين في القرن العشرين.

وأيضا الرسام والمصور الفرنسي جورج رووه (1871ـ1958م )، كان في بداية عهده وحشيا في الأسلوب، ثم اقترب بعد ذلك من التعبيرية.

وقد جاء بعده الفنان الفرنسي راؤول دوفي الذي ارتبط اسمه بهذا الأسلوب ، الذي يشار إليه بصفته أحد أساتذة المدرسة الوحشية، بالمنسوجات وارتبطت شهرة دوفي بأبرز أعماله الفنية، وهو التصوير الجداري العملاق المنجَز بالألوان الزيتية، والذي كلَّفته إياه شركة كهرباء فرنسا، لعرضه في سرادق الكهرباء في المعرض العالمي ألذي أقيم في عام 1937م .

ومن الفنانين الذين تسلسلوا من ضمن هذه المدرسة الفنان الفرنسي موريس فلامنك (1876 -1958م )، أحد رواد الوحشية، وهو من الفنانين المنسيِّين؛ إذ لم يقدَّم له سوى معرضين: الأول برواق شاربنتييه في باريس عام 1956م ، أي قبل سنتين من وفاته، والثاني في متحف الفنون الجميلة في مدينة شارتر عام 1987م . فنقول هنا انه من ابرز الفنانين العالميين ، لقد كان الرواد المؤسسون لهذه المدرسة التي تميزت عن باقي المدارس بأسلوبها الفريد وقوة الوحات والبساطة في الأعمال الفنية والابتعاد عن الدقة ؛ لأنهم يرون إن الدقة تظل العمل الفني وتسبب له الضعف .وقد نالت هذه المدرسة شهرة عالمية واسعة في الوسط الفني

من خلال هذه الخاتمة نستطيع القول هنا ان المدرسة الوحشية حصلت على تسميتها من أسلوبها المتميز والمخيف إلى حد ما وهي أيضا من المدارس التي حصلت بها كثير من التطورات والانفتاحات على افاق جديده في الفن وايضا فهنالك كثير من المعارض الفنية في أبرز المتاحف العالمية التي تخص المدرسة الوحشية فمثلا على هذه متحف الفن الحديث في سان فرانسيسكو ومتحف الفنون الجميلة في فرنسا؛ وبعض الأعمال لعلم من أعلام هذه المدرسة وهو الفنان هنري ماتيس رائداً وعلماً من أعلام هذه المدرسة.

 

غزوان العيسى

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم