صحيفة المثقف

الحزب الشيوعي بين احتلالين (1)

تقييم تاريخي لنشوء العراق الحديث وبنيته السياسية

 شكلت حقبة الاحتلالين البريطاني والأميركي للعراق مائة عام، كانت مليئة بالتحولات العالمية والإقليمية والعربية والعراقية. ونظراً لدور الحزب الشيوعي العراقي في تاريخ العراق، من هنا أهمية تقييمه التاريخي بما يتناسب مع المرحلة الأولى في تاريخ العراق الحديث، والتي تختلف اختلافا جذرياً عما هو مميز للمرحلة الثانية، أي ما بعد الاحتلال البريطاني والأمريكي. والغاية من وراء ذلك استشراف إمكانية البديل الواقعي للعملية السياسية الحالية المترتبة على الاحتلال الامريكي ونتائجه. بمعنى كيفية اعادة بناء العملية السياسية على أسس جديدة.

 إن احد الطرق الفعلية لإنهاء جميع نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق تقوم في إعادة بناء عملية سياسية قادرة على القيام بهذه المهمة وانجازها. أما الطريق الآخر لإنهاء كل نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق فيمكنه ان يكون عبر إسقاط كل العملية السياسية الراهنة، وإقامة بديل وطني ديمقراطي سياسي. كما ان هناك إمكانيات وطرق أخرى أوسع وأشمل، مثل ما يمكنه ان يكون نتاجا للتطور والتحولات الإقليمية.

ان استعراض وتحليل التطورات العراقية والإقليمية والعربية والعالمية التي جرت في غضون مائة مهمة شاقة وصعبة جداً، تستدعي جهداً جماعياً. وبما ان هذا الجهد لم يتوفر أو لم يحدث لحن الآن، من هنا قيمة الاجتهاد الفردي بهذا الصدد، على امل اشتراك أولئك الذين تشكل قضايا العراق الوطنية الكبرى مضمون وغاية همومهم الفكرية والسياسية.

فالفكر السياسي العراقي الحالي وبالأخص من جانب اليسار، لم يعمل لحد الآن على بلورة خطة عمل جماعية. وما نراه هو مجرد آراء ومواقف وتعليقات حول قضايا الساعة واليوم. بينما المهمة تقوم في بلورة رؤية حول مختلف الإشكاليات الكبرى التي مر بها العراق ويمر بها حاليا وما يكمن في آفاقه المستقبلية. باختصار، إن المهمة تقوم في دراسة ونقد الماضي والحاضر والمستقبل. والعمل الجماعي من جانب قوى اليسار ضروريا من اجل التمهيد لعقد مؤتمر تأسيسي عام يقر وثيقة تقيميية لنشاط الشيوعيين منذ التأسيس ولغاية اليوم، وكذلك بيان سياسي حول الوضع الدولي والإقليمي والعراقي. وكذلك برنامج وطني ونظام داخلي. وبموازاته العمل على تشكيل هيئة الرابطة الفكرية العلمية العراقية، بوصفه تنظيما فكريا علميا يستهدف التقييم التاريخي للعراق وآفاقه. بمعنى هيئة غير حزبية إطلاقاً. وتقوم خطة عمل هذه الهيئة باشتراك كل من هو قادر بهذا الصدد بما يتوافق ويستجيب لرغباته وإمكانياته في دراسة هذا الجانب أو ذاك من جوانب القضايا المثارة. واستكمالها بالمناقشة العامة لمختلف الوثائق التي تم الانتهاء من إعدادها، تمهيداً لعرضها في المؤتمر العام لإقرارها بصورتها النهائية.

وما لا شك فيه إن هذه الأشياء كانت وما تزال أمنية ورغبة وحاجة الكثيرين. إلا انها لم تتحقق بشكلها الجماعي الضروري، بمعنى مهمة استثمار كل قوى اليسار بشكل عام والشيوعي بشكل خاص من جانب مختلف اجياله. لذا اضطررت خوض غمار هذه المهمة الضرورية بصورة فردية، عسى وان يجري استكمالها بهذه الطريقة او تلك لاحقاً.

إن احدى نتائج الحرب العالميّة الأولى هي ظهور العالم العربي الجديد وصعود أو نشوء مختلف دوله على انقاض الامبراطورية العثمانية. بمعنى تلازم هذه العملية الظاهرية (الحرب الإمبريالية الأولى) والمستترة (معاهدة سايكس بيكو). و"وعد بلفور".

والسؤال الأول الذي يبرز بأثر كل هذه العملية الدرامية هو لماذا جرى تأسيس ممالك وليس جمهوريات بعد احتلال وتقسيم العالم العربي؟ ممالك ليس لها أسس مادية. من هنا اصطناع قاعدتها المادية، لكنها مع ذلك لم تصمد طويلا. كما لم تتمكن من تطوير أسس تكوينها الذاتي. فقد اندلعت الثورات بصورة مبكرة في مصر عام 1919، والعراق عام 1920، وفي سوريا عام 1925 ضد الهيمنة الإمبريالية. كما نلاحظها في مختلف البلدان العربية مثل ثورة عبد القادر الجزائري في الجزائر، وعمر المختار في ليبيا، وعز الدين القسام في فلسطين. وفيما يخص العراق، يبرز السؤال التالي: لماذا لم يجر رفض تنصيب فيصل الأول الحجازي ملكاً على العراق؟

 لقد تحركت الدوائر الإمبريالية وبسرعة في مخططاتها الاستعمارية ضد العالم العربي، في وعد بلفور وزرع الكيان الصهيوني في قلب العالم العربي من أجل شل حركته ووحدته. إن زرع الكيان الصهيوني في هذه البقعة، فلسطين، من العالم العربي كان يسعى لبلوغ أهداف جيوسياسية كبرى ضد العالم العربي، في فصل مشرقه عن مغربه. وأثبتت التطورات اللاحقة وأظهرت ذلك بكل وضوح. كما ان سايكس بيكو كانت تقسيما هندسيا بارعا لتشتيت العالم العربي وعرقلة إعادة وحدته، بل وإدخال مختلف وحداته في صراعات جانبية عديدة ومختلفة كما جرى ذلك لاحقاً. إلا أن العرب لم يستكينوا وواجهوا المخططات الإمبريالية بانتفاضات شعبية بصورة مبكرة. في مصر والعراق وسوريا وليبيا وفلسطين والجزائر. وكلما تطور كفاح العرب من اجل التحرر والتقدم والديمقراطية، كلما شحذت الإمبريالية من وسائلها وأدواتها في مواجهة العرب وتقدمهم بوسائل جديدة ومبتكرة. وقد مر كفاح العرب في مراحل متعددة، واتخذ أشكال عديدة ومتنوعة، فضلاً عن اصطفاف داخلي وخارجي متعدد نتيجة متغيرات عديدة، داخلية وخارجية، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية. ويقف العرب اليوم في مجرى تحول عالمي كبير، تشترك فيه مختلف الشعوب في كفاح عالمي واعي، بل هو أكبر تحول واعي عالمي في تاريخ البشرية. والسبب الأكبر لهذه الظاهرة مرتبط بتكون منظومة عالمية جديدة لها صفاتها الخاصة.

 

"ثورة" اللاشريف حسين اللاعربية: سايكس بيكو ووعد بلفور

  لقد اسهم اللاشريف حسين بن علي وأبنائه في تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو. وكان سلوكهم يتصف بسذاجة وغباء لا نظير له. حيث وفروا الغطاء "العربي" المهلهل للسياسات البريطانية في العالم العربي. كما كان لهذه العائلة دورها الخياني في تنفيذ وعد بلفور. وينطبق هذا على كامل دورها في التطورات العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص. لقد وضع اللاشريف حسين وأبنائه كل بيضهم في السلة البريطانية بطريقة غبية وساذجة وتفتقد لأبسط مقومات الحصافة السياسية. كما لم يعرفوا المناورة حتى مع اسيادهم البريطانيون في كل مسيرتهم. هذه الأسرة الكريهة التي لم تستطع تثبيت قدمها في سوريا، وأسقطت لاحقاً في العراق، مازالت تحكم بلداً عربياً واحداً هو الأردن.

لقد كان الهدف الاستراتيجي البريطاني من احتلال العراق، هو تأمين مختلف الطرق للهند درة التاج البريطاني، في إطار صراع القوى الرأسمالية الدولية آنذاك على مناطق النفوذ في العالم، وبالأخص مع فرنسا وروسيا وألمانيا. فقد كانت هناك طريقتان للاستعمار البريطاني من اجل بلوغ غاياته وهما الطريق الهندي والطريق المصري.

فقد اعلنت بريطانيا وفرنسا وروسيا الحرب على الدولة العثمانية تشرين الثاني 1914 وجرى احتلال بغداد في الحادي عشر من آذار عام 1917. وبلغت ضحايا بريطانيا في احتلال العراق ما يقارب المائة الف رجل. أما النفقات المالية فقد بلغت مائتي مليون جنيه. وأكبر انكسار بريطاني في مجرى احتلال العراق حدث في معركة الكوت، حيث بلغ عدد الأسرى البريطانيين 13309 ما بين ضابط وجندي. واعتبرت تلك هزيمة شنيعة للمدرسة الهندية للاستعمار البريطاني. وأثارت هزيمة الكوت في بريطانيا نقاشات وإجراءات خاصة لتلافي هذا الانكسار. وكان للدعم الامريكي دوراً كبيراً في تلافي اخطاء الإمبراطورية البريطانية في كيفية مواجهة ألمانيا في الغرب والشرق. أما الأسباب الحقيقية للاحتلال البريطاني للعراق فقد كان مرتبطا بموقعه الجغرافي والنفط. وجرى الاحتلال البريطاني للعراق بعد ثلاثة قرون من النشاط التجاري والدبلوماسي. وبعد نقاشات سياسية وعسكرية بريطانية وضعت فيها الخطط العسكرية والسياسية لاحتلال العراق، قبل ان تندلع الحرب العالمية الأولى بفترة طويلة. وكان مبدأ ولسن (1918) عن حق تقرير المصير الخروج الامريكي الأول صوب الخارج.

وكان من الصعب آنذاك بالنسبة للعرب الحصول على استقلال حقيقي. إذ لم تكن فكرة ووثيقة الانتداب سوى الاسم المستعار للاستعمار. حيث جرى بلورة ثلاثة أنواع من الانتداب على يد عصبة الأمم في الثامن والعشرين من حزيران عام 1919، إلا أنها تعرضت لاحقا للفشل وانهارت في عام 1945، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

فقد كانت عصبة الأمم ثمرة إنكليزية فرنسية أمريكية، بخلاف هيئة الأمم المتحدة، التي اشترك الاتحاد السوفيتي في تكوينها. وبذلك اختلفت الأهداف فيما بينهما. وتعزز دور الأمم المتحدة مع ازدياد الدول المستقلة نتيجة انتصارات حركات التحرر في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وقد جرى اختيار الملكية الدستورية شكلا للحكم في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق، من جانب الدول الاستعمارية. وجرى اقرارها في مؤتمر سان ريمو في الخامس والعشرين من أيار عام 1920. وما ان أعلنت مقررات مؤتمر سان ريمو الاستعمارية، والتي خالفت كل وعود بريطانيا وفرنسا، حتى ثارت ثائرة العرب. وقبلها كان البلاشفة قد فضحوا اتفاقية سايكس بيكو.

واجه العراقيون الانتداب البريطاني بانتفاضة كبرى اطلق عليها لاحقا عبارة ثورة العشرين. فقد كانت هذه الثورة موجهة في آن واحد ضد الاحتلال البريطاني وسلطة خونة دستور الاحتلال. وقد جرى لاحقا الغدر بثورة العشرين وبالأخص من جانب مرجعية النجف في موقفها من الدولة والسلطة.

لقد كانت انتفاضة العشرين أول ثورة عراقية. كما انها كانت الثورة الأولى المغدورة نتيجة قلة الوعي بأهمية السلطة والدولة في الفكر السياسي لمرجعية النجف. ومع هذا كانت ثورة العشرين بداية حقيقية لتبلور روح وطنية جديدة في الوعي السياسي العراقي. إذ كانت الخطوة الأولى على هذا الطريق الوطني، والذي أخذ يتبلور بصورة سريعة في مجرى الأحداث والتطورات اللاحقة. وأصبح عامل داخلي فعال في التطور السياسي العراقي. وكلما يأخذ الوعي الوطني العراقي بالتبلور، كلما كانت المتغيرات العراقية أوسع وأعمق وأدق.

لقد كانت الأسباب الأولية والظاهرية لثورة العشرين ونتائجها تكمن في إخلاف بريطانيا وفرنسا بوعودهما من تحرير العراق، وبإعلانها وضع العراق وفلسطين تحت سلطة الانتداب البريطاني، وسوريا ولبنان تحت سلطة الانتداب الفرنسي. وكانت تلك الشرارة في اندلاع الانتفاضة في العراق ولاحقاً في سوريا وفلسطين.

لقد غابت المرجعية الشيعية وقادة الانتفاضة العامة وكذلك قيادات انتفاضة "الطوب أحسن لو مكواري" عن المساهمة المباشرة في صنع سلطة الدولة العراقية الحديثة. وكان لهذا الغياب الأثر الكبير في طبيعة وكيفية التطورات العراقية اللاحقة. وقد حصد نتائج انتفاضة العشرين كل من فيصل بن الحسين وعبد الرحمن الكيلاني ومن بعدهم نوري السعيد.

لماذا أنشأت سلطة فيصل بن الحسين وعبد الرحمن النقيب ونوري السعيد؟ وأين كان الخلل في تكوين الجيش العراقي؟ وأين كان قادة ثورة العشرين في تكوين السلطة العراقية الجديدة؟

إن الخلل في تكوين الجيش العراقي هو نتيجة الخطأ في تكوين سلطة فيصل بن الحسين وعبد الرحمن الكيلاني ونوري السعيد. فقد جاؤوا جميعهم من خارج سياق ثورة العشرين، التي كانت يجب ان تنشأ سلطتها ومن ثم تحديد تطور العراق القادم بما يستجيب لأهدافها وقواها. لقد تم اختطاف انتفاضة العشرين. وكان لبريطانيا دور في هذا الاختطاف. فقد كانت السلطة الجديدة في العراق من المخلفات العثمانية بثوب عربي مهلهل. وبالتالي فإن هذا الخلل والاختطاف الذي نتج عنه، انعكس على مختلف التطورات اللاحقة. وعندما توفرت إمكانية معالجة هذا الخلل في ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، جرى اجهاضها مرة ثانية.

فقد كانت الحكومة المؤقتة احد نتائج ثورة العشرين، والتي جرى تشكيلها برئاسة عبد الرحمن الكيلاني لتقرير شكل الحكم الذي يلائم العراق. وتشكلت في الخامس والعشرين من تشرين اول عام 1920. وكانت تحت هيمنة برسي كوكس الحاكم العام الجديد في العراق.

 جاء البريطانيون بفيصل بن الحسين الذي فقد عرشه في سوريا بأثر حادثة ميسلون في الخامس والعشرين من تموز عام 1920 من اجل تشكيل حكومة عربية مؤقتة في العراق. ووصل فيصل بن الحسين بغداد في التاسع والعشرين من حزيران عام 1921. وعلى اثرها اجتمعت الحكومة المؤقتة وأعلنت فيصل بن الحسين ملكاً على العراق، على أن تكون حكومته "حكومة دستورية برلمانية ديمقراطية يحكمها القانون". هكذا قيل كذباً. وعلى اثرها جرى استفتاء شعبي أقر فيصل بن الحسين ملكاً على العراق. وتم بعد ذلك تتويجه ملكاً في الثالث والعشرين من آب عام 1921.

لقد كان هذا الاستقلال شكليا. ففي الظاهر كان حكما وطنيا عراقيا، بينما كان في الواقع خاضعا للحكم البريطاني. وبعدها جرى حل الحكومة المؤقتة وشكلت حكومة جديدة برئاسة عبد الرحمن الكيلاني، التي فاوضت الحكومة البريطانية على معاهدة تنظم العلاقة بين الطرفين. وتم التوصل إلى معاهدة في العاشر من تشرين الاول عام 1922. وبعدها دخل العراق عصبة الأمم في الثالث من تشرين اول عام 1932. حينذاك جرى إلغاء الانتداب البريطاني رسمياً.

الحالة السياسية القلقة في العراق الملكي

كيف واجه فيصل الأول (1922-1933) معضلة أو إشكالية السلطة والمجتمع والتغيير؟ اننا نعثر عليها في ما نشره هو بهذا الصدد. لكن الأمر الجلي هنا هو ضعف السلطة في العهد الملكي. إذ لم تستطع سلطة النظام الملكي الهيمنة على المجتمع. وكان لضعف السلطة الملكية نتائج عديدة.

لقد كانت إمكانيات السلطة الملكية تجاه المجتمع تتسم بالضعف الكمي والنوعي. فقد كان، على سبيل المثال، ما يقارب مائة الف بندقية لدى الشعب، مقابل 15 الف بندقية لدى سلطات الدولة. هكذا كان الوضع عشية تكوين الدولة العراقية الحديثة.

التحديث يتطلب تطوير حماية الدولة لمشاريعها. وهذا يتطلب بدوره تطوير إمكانيات الجيش والشرطة. فالجيش هو العمود الفقري لتكوين الدولة. وقد انخرط الجيش العراقي بصورة مبكرة في النشاط السياسي. ومفارقة الظاهرة تقوم في أن تطوير امكانيات الدولة (الجيش والشرطة) والمجتمع قد أدى إلى الاصطدام بسلطة الملك وحاشيته. مع ما ترتب عليه من صراع بينهما.

اخذت التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والعسكرية خلال هذه الفترة تتقدم، ومن ثم أدت إلى نتاج متضاربة، أثرت بدورها على مجرى الصراع وتحولاته. ففي زمن الملك غازي (1934-19329) نلاحظ ظهور وتطور الاتجاه العروبي في الدولة. فقد اخذ الجيش بالنمو بعد تنظيم الخدمة الالزامي أو التجنيد الإجباري عام 1934. كما اخذت تتسع وتتطور شبكات السكك الحديد وطرق المواصلات. ومن ثم تطور صلات وترابط العراق الداخلية والخارجية. وأدى مقتل الملك غازي إلى تولي الحكم عبد الإله (1939-1953). وفي مجرى هذه الحقبة حدثت انقلابات في الجيش مثل انقلاب بكر صدقي عام 1936 وحركة مايس (حركة رشيد عالي الكيلاني 1941) ثم حرب الثلاثين يوم وانقلاب المواقف والمشاعر.

لم يكن الاهتمام الضعيف بالجيش من جانب السلطة الهاشمية معزولا عن جملة أسباب من بينها ضعف روح العروبة. وهذا بدوره لم يكن معزولا عن نفسية وعقلية العائلة الغريبة عن العراق وتقاليد الخيانة الكامن فيها. فقد تحالفت السلطة الهاشمية مع القوات البريطانية ضد الجيش والشعب. مما أدى إلى تعمق تحالفها وتبعيتها لبريطانيا والعشائر والإقطاع. في حين أدى التطور الملموس في العراق إلى توسيع وتعميق مدى الصراع الاجتماعي والسياسي. مع ما لازمه من تغير في الاصطفاف السياسي. ونلحظ ذلك في وثبة كانون عام 1948، وانتفاضة 1952 و 1956. الأمر الذي دفع بالعائلة المالكة إلى توسيع وتمتين العلاقة ببريطانيا والنظام الاقطاعي العشائري. كل ذلك كان يكشف عن أن الملكية باتت عامل تخلف اجتماعي ورجعي. (يتبع.....)

****

يوسف محمد طه

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم