صحيفة المثقف

غربـــة اللغة العربية في بلادها

أصبحت لغة الضاد إحدى المناطق الرخوة في الثقافة العربية، وإحدى الثغرات المقلقة في آخر حصن من حصون المقاومة الحضارية للامة،  وبلغ الأمر أن أصبحت لغة التدريس في معظم المدارس والجامعات تتم بالعامية بدل العرية الفصيحة، إننا أصبحنا لانجد للفصحى أثّراً في الوقت الحاضر، إلا في أوراق الامتحان الكتابي والكتب المقررة، بل نجد بعض الجامعيين والمثقفين العرب يحتقرون الفصحى، والتهوين من قيمة التحدث بها ـ على الاقل ـ في الحرم الجامعي، وفي منابر العلم المختلفة، بل أصبح عند بعض  المثقفين : أن من علامات الرقي الحديث باللغات جنبية، مما جعل عامة الناس يفرون نحو تعلم هذه اللغات في المراكز الثقافية المنتشرة في البلاد، فكيف ننتظر أن تنتشر لغتنا في العالم، وتكون لها قيمة علمية وعملية تذكر، فاللغة تواجه تحديات خاصة ومباشرة تشمل :

1 ـ التـــحدي العلمي:

المتمثل بالتقليل من شأن اللغة العربية، والتنفير من تعلّمها بأساليب متعددة في أوساط كثير من المثقفين ورجال التعليم العالي، والشباب العربي الذي يرى المستقبل المضمون في الهندسة والطب والالكترون، أكثر مما هو في الآداب والعلوم الاجتماعية، نتيجة عزوفهم عن اللغة العربية الى لغة الحياة والمناصب، مما ينتج عن ذلك رسوخ عقدة النقص في نفوس الاجيال المتعاقبة، وذلك إثر رسم صورة سيئة للغة العربية في أذهانهم، بجعل مميزاتها تنحصر في كونها لغة عاطفة وليست لغة عقل وتحليل، وليست لغة طب وعلم وهندسة، وهو ما يمثل عائقاً بعيد الأثر في سبيل الاستعمال المنشود للغة القومية، وان من أكثر الاسباب التي أدت الى ضياع اللغة العربية هو أنتشار المدارس الخاصة والمدارس الدولية، والتي أهملت تدريس اللغة العربية واعتبرتها اللغة الثانية، وليست اللغة الام، وركزت أهتمامها كله على تدريس اللغة الاجنبية  وكانت النتيجة، طلاب لايعرفون شيئاًعن لغتهم الاساسية وفي الوقت نفسه لايتحدثون الانكليزية بطلاقة، فالجيل الجديد بدءاً من مواليد التسعينات نجد إن لغتهم العربية، ركيكة ويكتبون بأخطاء لغوية واضحة.

2 ـ كما ان اللغة العربية تواجه تحدياً ثقافياً يتمثل بالتصاق أبنائنا بوسائل التكنولوجيا الحديثة، مثل الهاتف المحمول والحواسب المتعددة الاحجام والاشكال، أدت الى تراجع الاهتمام باللغة العربية لتفوق اللغة الانكليزية على العربية .

3 ـ أما التحدي الاجتماعي، يظهر في حصر نطاق استعمال العربية في فصول الدراسة والنظرة المادية والدونية للمتخرجين في التعليم العربي من قبل افراد المجتمع حتى على مستوى اساتذة الجامعات .

4 ـ كما ان التحدي الاداري يتمثل في عدم التخطيط لتطوير العربية في المدارس والجامعات، وذلك بتقديم الدعم باستخدام التقنيات الحديثة في الطرق والاساليب والمناهج الخاصة بتعليم اللغة العربية، وانتاج المضامين التربوية والافادة من المراكزالتخصصية في اصدار معاجم العلوم الحديثة، وتحديث المعجم الوسيط الذي أُصدر منذ خمسين عاماً من دون أن يتم تحديثه حتى اليوم .

 

أ. م. ليلى مناتي محمود

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم