صحيفة المثقف

القرصنة وقطع الطرق في زمن كورونا!!

حميد طولسترغم ضآلة فيروس كرونا وحقارة حجمه الذي لا يرى بالعين المجردة، فقد استطاع أن يسقط ورقة التوت على الكثير من دول العالم المدعية التحضر والإنسانية ويعري وجهها القبيح، ما فرض أكثر من علامة استفهام حول ما اقترفته من خروقات تمنعها الأعراف والشراكات الدولية، وترفضها القيم الأخلاقية والإنسانية والدينية، من المتجارة بالموت، كبضاعة ثمينة رائجة خلال كوارث الأزمنة البربرية، والتي يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، بتحويلها في عالمنا الحديث مع كورونا إلى ما عاشته الإنسانية في العصور الوسطى، وما ضجت به من تنافسية القراصنة وقطاع الطرق على الإسحواذ على كنوز الميسورين، والتي نشطت مع استمرار تفشي وباء كورونا، واشتداد الحاجة للوازم الطبية الخاصة بالحماية من الفيروسات التاجية -من أقنعة واقية "الكمامات" وقفازات، وبذل واقية، وأجهزة التنفس، ومواد كحولية طبية، وأجهزة الفحص - التي حولتها ندرتها وإرتفاع أثمنتها إلى كنوز أثمن من الذهب والفضة، دفعت أنانية وجشع الكثير من الدول للتنافس المحموم على الحصول عليها بكل الطرق، حتى بالدخول في حروب لا أخلاق ولا مبادئ فيها، غير مبدأ البقاء للأقوى، الذي لا يقل بأي قدر عن سلوك القراصنة واللصوص، الذي سيّر العالم في عصور الظلام والبربرية، وشوه العلاقات الدولية بين البلدان، وهدم نظامها الاقتصادي المالي وبور تجارتها العالمية.

الحرب التي بدأت مع نظرية المؤامرة التي أججت تقاذف الإتهامات بين الولايات المتحدة والصين حول المتسبب في انتشار وباء كوفيد 19 العدو الخفي المهدد بفناء العالم، والذي عوض لَمِّ الجهود لمُواجهته، لجأت بعض الأنانيات إلى القرصنة السوق السوداء والمزايدة على المشترين، للسطو على صفقات المستلزمات الطبية والأدوات الوقائية، والذي اتهمت به الولايات المتحدة،باعتراضها وجهة معدات طبية مخصصة لغيرها وتحوليها إلى بلادها لإنقاد مواطنيها، معيدة إلى الأذهان اسطورة "ربن هود" الفارس الشجاع الخارج عن القانون الذي كان يسلب الأغنياء لأجل إطعام الفقراء، كتبرير لخرقها السافر للمواثيق الدولية والقيم الإنسانية في اعتراضها لشحنات المعدات الطبية المصنوع الصين، والموجهة للبلدان المتضررة كألمانيا وفرنسا وتحويلها إلى الأراضي الأمريكية،،وقرصنتهل لشحنة الأقنعة الطبية المصنوعة في شانغهاي والمخصصة لمنطقة منكوبة في فرنسية،و توجيهها إلى أمريكا، لم تقتصر القرصنة الجديدة على الولايات المتحدة وحدها بل اتنقلت عدواها إلى الكثير من الدول التي حولتها هي الأخرى شدة الطلب على المعدات الطبية الحامية من كورونا، إلى  قراصنة وقطاع طرق جدد، كما هو حال فرنسا التي اتهمتها الشركة الطبية السويدية "مولنليك" بمصادرة ملايين الأقنعة الواقية والقفازات الطبية المستوردة من الصين لصالح إيطاليا وإسبانيا، وحال دولة قامت بفس الأمر حين صادرت مساعدات مرسلة من الصين إلى إيطاليا، ولم تتوانى تركيا عن الإنخراط في نادي القراصنة بستيلائها على 162 جهازة تنفس كانت في طريقها من الصين إلى إسبانيا بعد حجزها في أنقرة.

وفي ظل عمليات "القرصنة" التي باتت تستهدف شحنات الأجهزة والمعدات الطبية المواجهة للزحف الضاري لوباء "كوفيد 19"، وتجنبا للفخاخ التي وقعت فيها كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا وتونس، فقد عمد المغرب لاتخاذ إجراءات احتياطية لتفادي مخاطر القرصنة، كاستبدله لطائرة الشحن "بوينغ 343 – 667" التي استعملها لجلب أول شحنة من المعدات، بطائرة ركاب من طراز "دريملاينر 9 – 787" لنقل الشحنة الثانية دون التوقف في أي مطار،للتزود بالوقود.

وختاما أتمنى السلامة والعافية لهذ العالم من وباء القرصنة الأشد عليه من وباء كورونا..

 

حميد طولست

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم