صحيفة المثقف
المَقَامَةُ الحِمَارِيَّةُ
(طُمُوحُ الحِمَارِ فَي حُكّمِ العِرَاق)
سَأَلَ الحِمَارُ الثَّعلَبَ:
يا صَديقي الثَّعلَبُ، كيّفَ أَكونُ رَئِيّْساً للعِرَاقّ؟.
فَأَكُونُ ذَا سُلّْطَةٍ تَسِدُّ الآفَاقّْ؟.
أَقودُ الجَماهيرَ دُونَ نِفَاقّْ؟.
لأُنّْجيّْهِمّ مِنّْ جَميّعِ المَشَاقّْ.
وأَسّْعِدُ أَحوالَهُمّْ بِكُلِّ الآفَاقّْ.
قَالَ الثَّعلَبُ:
الأَمرُ عَسيرٌ وشَاقٌ وجِدُّ صَعّْبّْ.
عَليّْكَ عِدَّةُ أُمُورٍ طَبِّقّْها بِصَبّْرٍ وَبِلا تَعَبّْ.
وإِنّْ خَرَجّْتَ عَنّها فَسَوّْفَ تُؤْكَلُّ وتُغّلَبّْ.
قَالَ الحِمَارُ:
عَلِّمنِيّها وسَأَكُونُ صَابِراً وشَاكِراً لكَ بِكُلِّ أَدَبّْ.
قَالَ الثَّعلَبُ:
إِذَنّْ استَمِعّْ وكُّنّْ لَبيّْباً وطَيّبَ الحَسَبّْ.
وَ لا تَنّْكُرَ جَميْلي عِنّْدَمَا تَنَالُ الطَّلَبّْ.
قَالَ الحِمَارُ:
سَمّعَاً وطَاعَةً أَيُّها الصَّدِيقُ المُهَذَبّْ.
وَعَلَيَّ لَكَ الوَفَاءُ مِنّْي مَا سَارَ حَافِرِي ودَبّْ.
قَالَ الثَعلَبُ:
أُوْلَى الوَصَايَا:
أَنّْ تَجّْعَلَ الوزَرَاءَ مِنَ السَّارِقِيْنّْ.
وَ ثَانِيّْهَا:
أَنّْ تَخّْتَارَ قُضَاةً للبَاطِلِ عَاشِقيْنّْ.
وَ ثَالِثُهَا:
أَنّْ يَكونَ المُسّْتشَارونَ مِنَ الوَضّاعِينّْ.
وَ أَمَّا رابِعُهَا:
اجّْعَلّْ المُدَرَاءَ مِنَ الأَفَّاكِينّْ.
وَ خَامِسُها:
إِخْتَرّْ كِبَارَ المُوَظَّفِينَ مِنَ المُراوِغِيْنّْ.
وَ سَادِسُهَا:
اجْتَهِدّْ لِتَكُوْنَ دَوّْلَتُكَ دَوّْلَةَ المُرتَشِيْنّْ.
وَ سَابِعُهَا:
إِجّْمَعّْ حَوّْلَكَ حَفّْنَةً مِنَ الإِعلامِيينّْ،
كَبيّْرُهُمّْ مِنَ الدَّجّْالينّْ، وصَغيّْرُهُمّْ مِنَ الكَذَّابيْنّْ.
حَتَّى يُصَوِّرُوا لّلنّْاسِ أَخّْطَاءَكَ نَصّْرٌ مُبيْنّْ.
وَ ثَامِنُهَا:
أَنّْ تَتَظَاهَرَ لِلّْشَعّْبِ بأَنَّكَ عَلَى أَحوَالِهِمّْ مَكِيْنّْ.
وَ تَاسِعُهَا:
أَنّْ تُوْعِدَ الشَّعبَ دَوّْماً بِمُسّْتقّْبلٍ مُزّْدَهِرٍ مُبِيْنّْ.
وَ أَمَّا عَاشِرُهَا:
إِيَّاكَ ... إيَّاكَ ... أَنّْ تُقَرِّبَ المُصّْلِحِيْنّْ.
فَإِنَّهُمّْ يُفسِدوا عَليّْكَ الحُكّْمَ وتَصّْبَحُ غَيّْرَ حَصِيْنّْ.
تِلّْكُمُّ عَشّْرُ وَصَايَا عَلَّمْنِيْها ابْلِيْسُ الَّلعِيْنّْ.
قَالَ الحِمَارُ:
تِلّْكَ صِفَاتُ الأَرذَليْنّْ !.
وَ تِلّْكَ سِيَاسَةُ الغَاشِمِيْنّْ !.
فَكَيّْفَ نَسُوسُ البَلَدَ ونَحّْنُ كاذِبيْنّْ ؟.
قَالَ الثَّعلَبُ:
تِلّْكُمُّ وَصّْفَةُ حُكّْمِ الجَبَّاريْنّْ.
وَ لِمَنّْ يُرِيّْدُ بالبَاطِلِ أَنّْ يَحّْكُمَ العَالَميْنّْ.
قَالَ الحِمَارُ:
أَنَا مِنّْ عِبَادِ اللهِ المُؤْمِنِيْنّْ.
وَ أُرِيّْدُ أَنّْ أَحّْكُمَ حُكّْمَ العَادِلِيْنّْ.
وَ أُرِيّْدُ أَنّْ أُرْضِيَ رَبّْي والعَالَمِيْنّْ.
قَالَ الثَّعلَبُ:
إِذَنّْ ابّْقَ حِمَاراً تَدُورُ فِي فَلَكِ المُسّْتَضّْعَفيْنّْ.
كُلّْ الحَشيّْشَ والشَّعيْرَ وكُنّْ مِنَ الشَّاكِرِيْنّْ.
وَ دَعّْ السِيْاسَةَ لأَهْلِهَا فَهُمّْ بِهَا مِنَ البَارِعِيْنّْ.
قَالَ الحِمَارُ:
تاللهِ قَدّْ خَابَ مَنّْ اسْتَشَارَ المَاكِرِيْنّْ.
فَكُلُّ الثَّعَالِبِ طَبْعُهَا غِشُّ السَائِلِيْنّْ.
وَ سَاسَةُ العِرَاقِ اتَّخَذْوا مِنَ الثَّعَالِبِ نَاصِحِيْنّْ.
أَ هكَذَا تَحْكِمُونَ العِرَاقَ يَا فَاسِدِيْنّْ ؟.
فَضَاعَ العِرَاقُ إِلى أَبَدِ الآبِديْنّْ.
***
محمد جواد سنبه.