صحيفة المثقف

المعيار الأخلاقي والبعد الإنساني لحقيقة الذات

عقيل العبودهنالك مقاييس مختلفة، بها تشتغل العقول، والأحاسيس للإدلاء برأي ما سواء سلباً، أم إيجاباً.

والمقياس هو كمٌ من المفردات المتعلقة بتجربة معينة. فالتجربة الإجتماعية مثلاً، غير التجربة العلمية، وهي غيرها في باب السياسة، والموضوعات الأخرى.

والسؤال هنا، هو كيف لنا أن نثبت الحقيقة الإنسانية لتجربة العقل بناء على إرتباط الفرد مع المجتمع؟

للبحث، أوالإجابة على ما تقدم، هو الإتفاق على ان مفهوم كلمة <معيار> standard هو وزن، أومقياس، أومعنىً، به يتم إدراك حقيقة الوجود الإنساني.

فالعمل بمعيار التجربة الإجتماعية للفرد، به يتم تقييم المنجز الأخلاقي لسلوك الآخرين، وعلاقاتهم، وانطباعاتهم، وتصرفاتهم، ومستويات تفكيرهم. وعلى غرار ذلك يمكن لنا معرفة، أوالحكم على موضوعات كثيرة، وكبيرة. فالتجربة العلمية، الخاصة بالنشاط المعرفي للآخرين تعدُّ محصلة للمنجز الثقافي، وفي ذات الوقت، فإن مساعدة الناس وقضاء حوائجهم يعدُّ محصلة للمنجز الأخلاقي.

والنقطة الأساس في الموضوع، هو ان السلوك الخاص بأي نوع من هذه المعايير، هو نتيجة لها أثر إنساني، وهذا الأثر،  هو الآصرة التي بها يتم الحفاظ على حقيقة المعيار الأخلاقي.

فالأثر العلمي الذي يتركه العالم، أوالباحث في باب الطب، والصيدلة له علاقة بالمعيار الأخلاقي للتجربة الإنسانية التي قام بها.

والفرح الناجم عن ذلك، إنما يشار به في هذا الباب، إلى مشاعر الإنسان تجاه ما تم تحقيقه للغير. فالسعادة التي يشعر بها الباحث لا تخص شعوره بتفوقه الذاتي، إنما هي شعور بالفرح المتعلق بإثبات الصفة الإنسانية للذات، أوجوهر الحقيقة الإنسانية للذات.

والنشاط العام هنا، هو ان الفرد كائن له علاقة بمساحة معينة من المجتمع، وهذه المساحة بموجب أبعادها الحسية، والأخلاقية، الثابتة، والمتغيرة، يتم إدراك صفة الذات وطبيعتها الإنسانية.

وبموجب هذه الحقيقة، يصبح للإنسان معيارا سلوكيا خاصاً به، وبجوهر علاقاته مع الأفراد المحيطين به، وعلى اساس ذلك تتحقق الضرورة الأخلاقية لبناء المجتمع.

فتجربة سين من الناس مع أ، ب، ج، د، بناء على مساحة حيثياتها الاجتماعية، والأخلاقية، والثقافية، تفرض على سين الحرص على معيار إرتباطه الأخلاقي، ذلك حفاظا على الصفة الإنسانية لهذه التجربة.

والغاية من الموضوع هو أن الإنسان محط مساحة متغيرة من السلوك، والآراء تجاه الآخرين، وهذه المساحة تنفتح مع مكونات متعددة من الإتجاهات السلوكية، والأخلاقية، والفكرية.

والثبات هنا مهم في تثبيت أواصر الإرتباطات الإنسانية لهذا الفرد مع الآخرين، والحرص على عدم الإخلال في تبني القيم الصحيحة للموازين الاجتماعية.

والسؤال انه كيف لهذا الكائن ان يبقى حريصا على أدَاء المراسيم، والموازين الخاصة بمصلحة بقاء هذه المعايير، كيف له ان يكون متزناً رصينا للقيام بدوره الحقيقي في باب العلم، والاخلاق، والسياسة، والثقافة العامة، للحفاظ على ديمومة تجربته الإنسانية؟

 

عقيل العبود

ماجستير فلسفة وعلم الأديان

باحث اجتماعي: سان دييغو

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم