صحيفة المثقف

اليقين

ياسين الخراسانياليقين كزَنبقةٍ تَكتمُ اللّونَ

أو ترْتخي في الظِلال فلا يُؤذِها أحدٌ

بالمديح ورَصْد الصفات،

اليقين كَدُودِ الحجارة

لا تَعْرف الحِين هل كان قبل الحوادثِ

أم وَضَعتْه السيول لِتُغري بقمّة ما في السماء،

اليقين كُمَثْرى بِنُضج الحقيقة

حامِضُه يَلْدغ الذَوق بدءً

فيَصْبرٌ من جٌوعه مُؤنسٌ

ويُداعب أحشاءه بِحُنُوّ العِضاةِ،

هو الحُلم قد يتراءى مع الجدِّ:

ماذا وجدتَ؟

وهل يُفتح القُفل باللّمسات الوديعةِ؟

هل يُؤلم الموت إن غاب عن حفله

آخر الشعراء؟

هو الانتظار على باب قبرٍ

بكوب من الماء بالمعْدِن الجَبليِّ

لعل الفَقيدَ يَؤُفُّ بماء القيامة.

قد يُعدم الموقنون وهم في الطريق إليهِ،

وليس لهم في حِبال الحقيقة

إلاّ نصيب الحَصَاة على وجهِ

أشهرِ من كان فِلس اليقين لديهِ،

وبَدَّله في مَزَادِ الولادةِ.

ليس اليقين لُيونةَ عِرقٍ بِقَلب المُكابر

بالدَّلك أو زيت غُصْنٍ يُعَمَّد بالشمسِ،

ليس اليقين تَغَيُّر لون السحابِ،

فنَدري يقينا بما هو آتٍ،

هو الريح تَهْمِسُ بالدِّفءِ

أو  تَتَدحْرج من خلفيات المشاهدِ،

لا تبْتغي أن تُغيِّر في طقس يومي،

ولكن أُحِسُّ بأن الحِكاية حُبلى

فأُرهِف سَمعي

وأمشي على طرفِ الرِجْل.

كان صديقا فصاحبني في الظلام كظِلّي،

فإن عَثَرَ النور شُوِّه شكلي

على حائط الكَهْف.

لا أعرف الإختلاف إذا كان فيه

فأَحواله زِئبقٌ سائلٌ من مشيمة والدتي.

اليقين كُسورٌ على عَظْمة اليد،

نُمسك جَمْرا وصرختنا،

واليقين تَأَخُّرُ ردِّ البريدِ

فنقرأ ما يتساقط من ورق الأمنيات:

أزور حديقة نعْشي وأَزرع حرفًا

إلى ذِروة الإسم،

عند الضياع أرى في أَناي دليلي،

هنا يتفجَّر ماء الحقيقة، فاغرف بِكلْتا يديك ...

اليقين رِيادة من زَحَف الشك فيه

فلا هو حِكْرٌ على قانتٍ بالجبال

أو المُتعبِّد منذ نزول الكتابِ،

هو الرُؤية المَخْمَليّة في سطح ماءٍ

تُعادل غوص البحار،

هو الإخْتِصار بعمرٍ

لئلا نُضيّع حفل القيامة،

شكُّ السنين تَكَوَّم في لحظةٍ

فتَفَتَّق منه نقيضٌ جنينٌ

يُريني طريق الهِدايةِ:

لن تعرف اليوم أو في غدٍ،

فتَمهَّل بِسيرك نحوي،

ستَعْثُر بي أو عليّ ...

***

ياسين الخراساني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم