صحيفة المثقف

الطواحين ..!!

صحيفة المثقفالطواحين،

اقفلت حالها بالمسامير

وأنا واقف أرقب الفجر

متعب جامح

يركب الموج

والزَبَد من حوله،

يعشش في ظلوع القوافي

حين يكتويني الرحيل..

وأبقى، وحيداً ولا اشتكي

غير هم  النخيلْ ..

تساقط فوقه وابلٌ

من جحيم الرزايا

بين مخلبين،

شاءه الحظ،

كلما أسكرت روح هذا السراب

صباه    

ثم راح صداه

يخط الصباح الجميل،

يحيط بهذا القوام النحيل ..

كما كنت تمشين عند الضفاف

وأنتِ كما كنتِ أنتِ

من يحمل الروح

والورد في راحتين،

وأنا أنتشي من ظلالك بين الشواطئ

يتراقص فوق حصبائها الحب والقهر،

والنسمة،

يشتهيها الكلام المعسل بالياسمين

ونضج السنين،

وهذا الكلام وتلك الخطى،

وأنا والطريق،

أراه مقفلاً من هدير المسافات،

لا فرق بين صمت يسود

وإيقاعه والرصاص

ونخب المساكين،

ما عادوا سلاطين احلامهم

في كل حين ..

**

دعيني اطوق خصرك عند المسير

اكحل هدبيك بهمس الليالي

واطلي اظافرك من حريق الشرايين

التي اشعلتها النذور،

خذيني، إن شئت إلى حيث عيون الماء

أعب منها لحد الغرق،

ضعي راحتيك على صدري،

فتلك الليالي الحالمات

لنا وحدنا

غابت بعيداً،

وظلت نجوم السماء مطفئة

والطواحين أبوابها مقفلة

وأنا ادعوك،

ان نشرب النخب حتى الصباح ..

وهذا كلام مباح ..

يشاغل جفنه الغافي بأدعية الاعتذار

ولا من نهار

يجيئ مع الإنهيار، 

حين تحرق النار اجفاننا

تفر العصافير من حولنا

والسنانير لا تجد شيئاً أمام البيوت ..

إمهليني حتى احدق في عيون الليالي القفار

حتى نرى بارقات النهار ..

أمهليني سويعات، هذا الزمان الرديئ

كي أمنح الروح طعم الربيع

وطعم الشتاء

وصخب الرياح،

رغم كل سرايا النباح ..

**

دعيني اسمر عيني

بينَ همٍ وهمْ

يشتعل الغيم بالغيم

وعشبنا ما يزال طرياً،

خذيني إليه على راحتيك

سحاباً وبرقاً ورعداً 

وبعض من ممطرات السحاب،

فأين أنا منك ايتها النحلة الحائرة

بين صمت الصواري،

والصقيع يثير شجوني

ويمخر في بحار جنوني ..

فأي المسافات فاصلت وإنحنت

بين هذا الذي كان،

والذي لم يكن قد طواه المحال

فأي يقين يحتويني؟

لن أترك الهم يمشي

في متاهات ظنوني ..

كأني أراني أؤثث ميسماً للروابي

وأترك الشمس تغزو رحابي ..

تطل على غابات نخل بهي

يغتسل الفجر فيها بماء السواقي

والبصرة فاغرة،

بوهج البساتين،

ورؤوس النخيل محروقة

ومن أجداثها تنهض اليانعات ..

لعبة الموت طاولت موتها،

فلماذا لا يتعب الموت..؟

ولماذا لا ترسم للصحو خارطة للحياة ؟

بين الضفاف

وبين النخيل

وبين البشر ..

بين الدوالي

وتلك الخوالي

العازفات على وتر

من جمال السحر..

ينير الضفاف

ويحمي العفاف

ويمشي على راحتيه القدر..

**

وحين تسقط ظبية،

ممرغة بالعطر

تصرخ الريح،

تفر جموع القطا

بين الضفاف

ترسم المحاريث

للفجر انوارهً

ويغدو النجيع ملاك الغسق..

**

سأرسم لليافعين

غيوم وشمس وشجر ..

سأكتب شعراً لهم من أديم السحر..

وأنشد في ملاعبهم انشودة المطر..

سأتركهم يكبرون،

ومن بين اصابعهم

ينبت العشب

وتورق الأشجار

حين تبدأ الرعود

ويسقط المطر..!!

***

د. جودت صالح

10،11/2020

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم