صحيفة المثقف

يا بؤسَ سَعيي

عبد الفتاح المطلبييا بؤسَ سَعْيِي ويا خَيْباتِ أعذاري

وَوِسْعَ خَطْوي إلى باحاتِ أقداري

 

كَمْ مرَّ قُــدّام عيـــني مِـنْ حوادثِها

وكم أشَـــحتُ وكانتْ محضَ إنذارِ

 

للدهرِ جُرفــانِ والأيــــــامُ دافقةٌ

جرفٌ سحيقٌ وجـرفٌ مائـــلٌ هار

 

يعطيكَ من يدهِ اليُسرى وتأخذُ ما

أعطاكَ يمناهُ وهـــوالبائعُ الشاري

 

لا يُحفظُ السرَّ فالأعمــــارُ ثرثرةٌ

من عقربٍ سُمّهُ الســاعاتُ ثرثارِ

 

وإن رآك على حـــــالٍ تُحاذرُها

سعى إليك كســعي الصِـلّ بالدارِ

 

من السَفاهةِ أنّ المــــــــرءَ يأمنهُ

وكيفَ تأنسُ أخشـــــــابٌ بمنشارِ

 

ما بين جرفيه أقدارُالوَرى صَببٌ

ومركبُ الحتفِ فــي آذيّهِ جاري

 

 

أغلقتُ صدري على أمرٍأكــادُ بهِ

أموتُ من وَلَعي فيــهِ وإصراري

 

وكم أطَلْتُ وقوفي حائـــرًا وجِلاً

بينَ ادّعائي وجَهـْلي بعدَ إنكاري

 

وكمْ خَفَقْتُ جناحــاُ ثمّ طرتُ إلى

ما أشتهيهِ بــــــــلا ريشٍ ومنقارِ

 

حتى أتت ريحُ أيـــامي مُغاضِبَةً

على زوارقِ أحلامي وأسفاري*

 

ما نفع إطلاقِ آهـاتي إذا زأرَتْ

كأنّ بين ضلوعي كاسِـرٌ ضاري

 

فما السرورُ بأقـــــــــــلامٍ مكبلةٍ

إلى القراطيـــسِ لكِنْ دونَ أحبارِ

 

وما عزائي بسطرٍ خَطَّهُ فَرَحي

وقد ملأتُ من الأحزانِ أسْفاري*

 

قصائدي حرّةٌ، أفراسُـها جَمَحَتْ

تخبُّ صاهلةً فــــــي كلِّ مضمارِ

 

وليسَ ذنبي إذا راضتْ بما وَثِقَتْ

من الأعنّةِ فـــي مخيالِ أشعاري

 

قد عللتني بجنّـــــــاتٍ بها عنبٌ

ومن سُلافِ خمـــورٍ مِلءَ أنهارِ

 

غنيتُ من لهفةٍ والشوقُ يدفعُني

موّالَ غيبتِهمْ فاســـــتكَّ قيثاري

 

ماكنتُ أقبلُ من ليــــــلي دجنتَهُ

لـولا هيامي بنجمـاتي وأقماري

 

لكنني لم أجد إلا النـــــوى قدراً

قد أطفأتْ بدياجي الّليلِ أنواري

 

وفي الزوايا أريـجٌ من روائِحهُمْ

أستافُ منها فيصحوفيَّ تذكاري

 

وبِتُّ أرجو ولكنَّ الرجــا زَغَبٌ

والأمنياتِ فراخٌ جلـدُها عـاري

 

بحرٌ من الأمَلِ الكَذّاب أبحرُ في

أمواجهِ وسَـرابُ العشقِ بحّاري

 

سفينتي الليلُ والأوهامُ غاطسُهـا

والوجدُ أشرعةٌ واللهفةُ الصاري

 

وريحُها ذكرياتي كلما حضرَتْ

تقودُ دفّتها والمـــــــوجُ أقداري

 

وطائرُ الصـــبرِمن فوقي يُعللُني

كأنهُ قد أتَــــى منــــــــهمْ بأخبار

 

بيضٌ سحائبُ آمـــــالي فلا مطرٌ

فيها وصحراء يأسي رملُها ذاري

 

كم واعدتني وكم قد خابَ موعدُها

كم دَنْدَنَتْ بنشــــازٍ فوقَ أوتاري

 

يا سائلي عن ربيع الورد، موعدِهِ

صَهٍ خَريفي أتى يَسعى إلى الثارِ

 

أتى بجارودهِ أشـــــجارَ دوحتِها

فودعتها عصــــافيري وأطياري

 

وباتَ في الجذعِ ثعبانٌ يبيضُ به

وكيفَ أصبرُ والأفعى بها جاري

 

ومن ثمارٍ خلت حتـى ظننتُ بها

كلَّ الظنون كأني لــمْ أكنْ داري

 

وحينَ كنتُ أرى الغربان تسكنُها

كَذّبتُ ظـنّي بها، سفَّهتُ أنظاري

 

وعاثَ في النفسِ وسواسٌ يقلبها

على المجامرِكالسّـــــــفّودِ بالنارِ

 

ودبَّ شَـــكٌّ إلى روحـي أعاتبُها

وقلتُ هل حطَمَ الأوغادُ أشجاري

 

ياصاحِ قلْ لي لماذا لا أرى نَضِراً

في غابة الروحِ من وردٍ وأزهارِ

 

كل المَظنّةِ أنّ المـــــوتَ غافَلَها

ومدّ مخلبهُ المجنـــــــــونَ للدارِ

 

وراح يحصدُ ما يهوي عليهِ بهِ

كمنجلٍ غاشــــــمٍ في كفِّ جبّارِ

 

المَيّتُ الدارُ والأغـــرابُ قاتلُها

فأينَ يذهبُ أهلـــــوها من العارِ

 

وما رأيتُ سوى أشلائها انتثرتْ

تباع بخساً ووكســـ_ــاً بينَ تجّارِ

 

الناسُ تعرفُ والأيــــــامُ تعلنُها

إنّ الديارَ على أوضــــامِ جزّارِ

 

فلا عزاءَ لكمْ يا أهـــــلَ محنتها

فأنتمُ حطـــــــــبٌ يُلقى إلى النارِ

***

عبد الفتاح المطلبي

.....................

1- أسفار جمع سَفرة

2- أسفار جمع سِفْر

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم