صحيفة المثقف

متلازمة حمار جان بوريدان وكلب بافلوف.. قراءة فلسفية في وهم حرية الاختيار

عمرون علي نحن الاثنان في السجن انا داخل الجدران وانت خارجها

وأسوء من ذلك ان نحمل السجن في نفوسنا

ناظم حكمت – حرية حزينة-

مدخل عام

كثيرا ما نجد أنفسنا أمام خيارات متعاكسة وفي وضعيات تبدو لنا في الواقع متشابهة وامام نتائج هي في الظاهر متساوية ومتماثلة، هذا التناقض يضعنا فلسفيا امام مفارقة (paradox). نفقد فيها ومن خلالها حرية الاختيار ونعجز عن اتخاذ القرار، والسبب في ذلك انه عندما تتساوى الاحتمالات وتتعارض الغايات مع الوسائل نتردد ونشعر بالحيرة ونتوقف عن التفكير، وقد نجد لذة في تأجيل القرار والهروب الى الأمام، وذلك بممارسة بعض المغالطات تحت تأثير دوافع لاشعورية في الأكثر . هي لحظة قاسية ومؤلمة في بعدها الوجودي والأخلاقي لحظة تعطل الإرادة والتعايش مع وهم الحرية .وقد قيل:" وهم الحرية أخطر بكثير، من أي زنزانة أو أقفاص ضيقة "

صحيح ان جميع الكائنات الحية تمتلك قابلية التكيف مع بيئتها، والتوافق والانسجام مع عالمها ووسطها الخارجي، غير ان الانسان السوي ينفرد هنا بقدرته على حسن توظيف معارفه وتعديلها وتجديدها، بشكل يسمح له ببناء استجابة تكيفية ناجحة، وهي العلامة الحقيقية على النضج والتوازن المعرفي وأيضا على قوة الإرادة وقدرة الاختيار، وعلم النفس تفطن الى هذه الحقيقة وتحدث عن اللاتوازن، الذي هو حالة يفقد فيها العقل قدرته على ترتيب الأولويات وتحديد المسار الصحيح، حيث يفقد الانسان تفكيره المنطقي ويتحول الى حمار عنيد، يدفعه الكبرياء الحميري الى التصرف وفق مبدأ اللامبالاة، يرفض الحركة مفضلا السكون وقد يميل الى النوم تماما ككلب بافلوف عندما فقد القدرة على الاستجابة للمنبهات، لقد لاحظ إيفان بتروفيتش بافلوف وفق منهج استقرائي، أنه إذا تم وضع كلب امام نوعين من ردود الفعل المشروطة، في نفس الوقت وبنفس الكيفية، فإن الكلب يبقى ساكنا عاجزا عن القيام بأي شيء. ومن ثم النوم ضمن متاهة التردد. فهل قدرنا اليوم ان نتأرجح بين حرية حزينة ولامبالاة قاتلة؟ وهل من الممكن ان نتحرر من حيرتنا ونقرر ما نريد؟ أم أن التجهيل والاستبداد – كما قال عبد الرحيم العطري - فعل فعلته فينا ولن يكون قدرنا أحسن من مآل حمار بوريدان؟ وهل أصبحنا اليوم نتحرك ونتصرف مثل كلاب بافلوف؟

مفارقة حمار بوريدان

(تفلسف الحمار فمات جوعا)

جوهر كل مفارقة هو التناقض والتعارض في المنطلقات والمواقف، وهي تتقاطع مع شبكة من المفاهيم المركزية في التفكير الفلسفي : كالمعضلة والمآزق والدهشة والمغالطة والاحراج و مفارقة حمار بوريدان

ترتبط بفكرة جان بوريدان (1300-1358) ومفادها انه لا يمكن اتخاذ القرار عندما تكون الأسباب متساوية وذات معاني متناقضة سواء كانت الخيارات جيدة او سيئة، هذه المفارقة اقحم فيها حمار بوريدان، كان جائعا عطشا وكان يقف على مسافة من دلو الماء وكومة الطعام لم يعرف الى أي طريق يسير ظل المسكين مترددا حائرا دون اختيار في حالة من اللاتأمل دون تصور او مداولة ودون قدرة على اتخاذ القرار ...لقد تفلسف الحمار فمات جوعا* . ولذلك قيل من الناحية المنطقية ان التفضيل بدون اختيار مستحيل. خاصة إذا كانت الدوافع متساوية و الاختيارات متشابهة فان حال الانسان كحال الحمار كلاهما يبقى عالقا، وفي مواجهة حيرة الاختيار يموت الحمار ونفقد الانسان.

الواقع ان الحمير- كحال بعض الناس - عنيدة رغم تواضعها، معروفة بقدرتها على التحمل تستطيع العمل لمدة عشر ساعات في اليوم دون انقطاع وقد تحمل في بعض الحالات حتى 110% من وزنها. لكن معدل عمرها في البلاد العربية لا يتجاوز سبع سنوات انهم يموتون نتيجة سوء التغذية وسوء المعاملة. وهذا ما يحدث لنا للأسف عندما تتعطل عندنا إرادة الاختيار تتحول الحرية المزعومة الى سراب، و نعيش وهم الحرية نفكر ونتصرف وفق مبدا اللامبالاة، . في رسالته إلى شولر، رفض وندد سبينوزا بما سماه وهم الإرادة الحرة . حيث “يتوهم الناس انهم أحرار لجهلهم الحتميات التي يخضعون لها .فلو كان للحجر شعور لقال إني اسقط بحرية ..! ” صحيح ان الرجال كما قال سبينوزا يتفاخرون بانهم احرار لان الرغبة في ان تكون حرا متأصلة في الطبيعة البشرية تلك الطبيعة التي تحركها الانانية والمجد والفخر والكبرياء وبما أن هذا التحيز فطري لدى جميع الرجال، فلا يمكن إطلاق سراحهم بسهولة“.

هذا الوهم هو الذي جعلنا في الواقع عبيدا في الوقت الذي نعتقد فيه اننا نمتلك الحرية . والوهْمُ يرتبط في نظر فرويد بالرغبات اللاشعورية، لكن حسب نيتشه، هو كلُّ ما أنتجَه الإنسانُ من معارفَ. لأنها ناتجةٌ عن رغبة لاشعورية في البقاء. حيث تقدِّم الأوهامُ نفسَها على أنها "حقائق". ومَصْدر الأوهام، بحسب نيتشه، الفكر أولاً، حيث يلجأ إلى الكذب والتضليل وإخفاء الحقيقة التي يتوهَّم أنها خطِرة على وجودِه فيخفيها تحت غلاف المنطق، واللغةُ ثانيًا، لأنها أداة الفكر، وهي تشبيهات واستعاراتٌ صنعَها الفكرُ. ويرى نيتشه بأنَّ التخلُّصَ من الوهم صعبٌ إنْ لم يكنْ مستحيلاً. لكنَّ الأوهامَ قد تكون نافعةً. وقد نحتاج إليها لنعيش. [1]

يمكن ان نتفق ونحن في بداية مقالنا مع أستاذة فلسفة العلوم ومناهج البحث الدكتورة يمنى طريف الخولي في ان مشكلة الحرية فضفاضة، بل هلامية مترامية الأطراف، ضائعة الحدود، لا مبتدأ لها ولامنتهى، فهي تبدو منذرة بالتشتت والضياع [2]، أولا لأنها مشروطة بقدرة اختيار امر ممكن من عدة أمور ممكنة دون ان تكون نتيجة الاختيار معروفة مسبقا وثانيا هي تتطلب تجاوز مختلف الحتميات مع وعي الأسباب الدافعة الى ذلك وثالثا الحرية هي المقولة الوحيدة التي تتداخل فيها شتى كليات وجزئيات التجربة الإنسانية وسائر جوانب عالمه المعاش وأيضا عقله الفعال ومن ثم يمكن جعلها مضافا لأي مضاف اليه شئنا : الميتافيزيقا، اللاهوت، الاخلاق، السياسة، الاقتصاد، الاجتماع، الدين العلم، الشخصية...." ولذلك اشعيا برلين كتب بنبرة اليائس انه :" لن يناقش اكثر من مائتي تعريفا للحرية " [3]

الحقيقة اننا لن ندخل في متاهة تعدد مفاهيم الحرية وتنوع وتناقض نظريات الاختيار بل الذي يعيننا هنا تحديدا هو الحديث عن وضعية الرهينة وعن وضع تمت فيه مصادرة الحرية دون وعي منا، ففي كل القضايا الصعبة التي اصطدمنا بها يبدو اننا لم نتخذ القرار الصحيح يل كنا سجناء لحالة الارتياب واللاتعين، وفي النهاية الطريق ابتعدنا عن الخيار الصحيح عالقين في متاهة اريان نتعايش مع الواقع وما يحمله من أوهام، نساير سوء الاختيار.وبالعودة الى عالم النفس البولندي كورت ليفين (1947-1890) (مؤسس نظرية المجال في علم النفس)، نجده في إحدى كتاباته، بعد الإشارة إلى قصة حمار جان بوريدان يصف هذا النوع من الصراع على انه صراع غير مستقر. يتكون عندما يترك شخص ما، بسبب عوامل عرضية، نقطة التوازن ويتحرك نحو إحدى المناطق المستهدفة، حيث تزداد القوة التي يدركها في هذه المنطقة، لذلك يتحرك بعيدًا عن نقطة التوازن. حيث قوة الانجذاب للمنطقة المستهدفة تزداد تدريجيًا مع انخفاض المسافة بين الشخص والهدف.

حين يكون الخيار بين أمرين غير متناقضين بل متشابهين تماماً إلى حد التطابق، يعْطَى للعقل تقريراً واحدًا لا يستطيع فيه عمل الترتيب المنطقي أو لنقل ترتيب للأولويات فيصعب عليه الوصول للخيار .الصحيح وعندما يترك لنا الخيار، نشعر بالعجز مثل الحمار...كل شيء يبدو فجأة مربحا ومع القلق من فقدانه والخوف من اختيار خاطئ، لا نختار رغم أننا في نهاية المطاف قد نُطوق لكلا الأمرين ونجد في وضع وقت إضافي للتفكير، مخرجاً مؤقتاً ونستمر في ذلك حتى نفاذ الوقت كله دون خيار، ونسلم العصا لشخص آخر ليختار لأننا خائفون من أن نصبح حمار بوريدان.*

وهم الحرية يتمظهر في مستويات عديدة وسنشير حسب عدد من المقالات والبحوث الى أهمها:

01- الدولة الحقيقة هي التي تصل فيها الحرية الى اعلى مراتبها هذه القاعدة التي وضعها هيجل كمقياس لكمال الدولة من الناحية الفلسفية، والدولة في نظر سبينوزا وجدت في الأصل لتحرير الانسان من الخوف، لكنها اليوم تعمل على عزل الناس وإجبارهم على التصرف بشكل غريزي وليس بوعي. بل و تخويف الناس من خلال خلق تصور بأن وجودهم البيولوجي في خطر لأنهم يعرفون أن الأشخاص الخائفين، خاصة إذا وصل هذا الخوف إلى مستوى الذعر، سيتصرفون بغرائزهم، وليس بوعي وستمنعهم غريزة الحماية الفردية من أن يكون كائنًات اجتماعيًة حرة. يقول نعوم تشومسكي: "الأكثرية تتعوّد على استهلاك الخيال، فأوهام الثروة تباع للفقراء، وأوهام الحرية للمضطهدين، وأحلام النصر للمهزومين، وأحلام القوة للضعفاء" وهذا ما ذهب اليه أيضا فرانز كافكا حيث كتب قائلا :" إن الحرية بين البشر غالبا ما تكون وهما كبيرا . وبما أن الحرية تعد من أسمى المشاعر، فإن الوهم الناتج عنها هو أيضا من أسمى الأوهام"

02- مصادرة الحرية من خلال غرس وهم المعرفة ونشر ثقافة الجهل والخوف وقد تنبه الكواكبي الى هذا الامر وأشار الى ان المستبد لايخشى علوم اللغة، تلك العلوم التي بعضها يقوم اللسان وأكثرها هزل وهذيان يضيع به الزمان.. وكذلك لا يخاف المستبد من العلوم الدينية المتعلقة بالمعاد المختصة ما بين الانسان وربه، لاعتقاده انها لا ترفع غباوة ولا تزيل غشاوة .. اذا نبغ منهم البعض ونالوا حرمة بين العوام، لا يعدم المستبد وسيلة لاستخدامهم في تأييد امره، ومجاراة هواه في مقابل انه يضحك عليهم بشيء من التعظيم، ويسد افواههم بلقيمات من فتات مائدة الاستبداد.. ترتعد فرائص المستبد من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية والفلسفة العقلية، وحقوق الأمم وطبائع الاجتماع والسياسة المدنية ..ونحو ذلك من العلوم التي تكبر النفوس وتوسع العقول وتعرف الانسان ماهي حقوقه وكم هو مغبون فيها، وكيف الطلب، وكيف النوال ...والحاصل ان العوام يذبحون انفسهم بأيديهم بسبب الخوف الناشئ عن الجهل والغباوة[4]

03- تم تقييد الحريات في جميع أنحاء العالم بشدة بذريعة تفشي فيروس Covid-19. تم تدمير العديد من الحريات بالكامل. حظر التجول، وحظر السفر، والحجر الصحي الكامل للمدن، ومنع الاجتماعات والمظاهرات وقد صرح وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران لصحيفة "لو باريزيان" الأحد 24/01/2021 انه يفترض أن يتم "تقييم آثار حظر التجول" (من الساعة 18,00 حتى السادسة) خلال الأسبوع.وأضاف محذرا "إذا لم ينخفض (حجم العدوى) وإذا بدأت النسخ المتحورة تنتشر في كل مكان" فستقوم الحكومة "باتخاذ إجراءات إضافية"، موضحا أن "هذا يسمى احتواء (...) إذا رأينا أن الفيروس يبدأ في التقدم بقوة فسنغلق".يقول ميشال فوكو في كتابه " المراقبة والعقاب" :" "إن المدينة المنكوبة التي يصيبها وباء الطاعون هي النموذج الأمثل الذي تحلم به السلطة لتوسيع هيمنتها. وإذا كان أهل الحقوق والقانون يحلمون بالحالة الطبيعية والمنطقية لاحترام القانون، فإن أهل السلطة يحلمون بقدوم وباء الطاعون لفرض السلطة التامة على الناس"

04- في مقال المسرح التونسي: أوهام الحرية.. والقمع أيضا، الكاتب التونسي شوقي بن حسن تحدث عن ندوة "أوهام الحرية في واقع منفصم ورقابة متخفية" المنعقدة في قاعة "مربّع الفن" في تونس العاصمة وأشار الى تشبيه الباحث بن إبراهيم الحريات في المرحلة الأخيرة بانتشار الباعة المتجوّلين حيث يمكن أن تكون الحرية مُربحة ولكنها مُضرّة مثل بضائع السوق السوداء.

05- الاشتغال على ورقة الإرهاب وفزاعة التدخل الأجنبي وإرهاب المجتمع. والعمل على رفع هذا الشعور إلى درجة الرعب والذعر، حيث يشعر الفرد بالضعف وعدم الحماية والعجز .وخلق فوبيا الخوف من الزحام و من الأماكن المكشوفة. الخوف يضعف الناس خصائص وجودهم الاجتماعي، ويزداد قلقهم الفردي وأنانيتهم، وكلما زاد تفتيت الناس، زادت سهولة التحكم بهم واستلاب حريتهم.

06- هناك أكثر من 200 مليون كاميرا تراقب الشوارع والشوارع 24/7.في الصين حيث يمكن لبرامج التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي المدمجة في نظام الكاميرا واكتشاف الأشخاص بسرعة ومزاجهم ومع من هم على اتصال.

07- وهم الحرية في مجال الصحة هذا الوهم يتغذى من حاجات الانسان المختلفة فهناك هرمًا يبدأ من الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية ويصعد نحو الاحتياجات الاجتماعية والروحية والثقافية الأعلى. ومن المعلوم علميا ان من أهم العوامل التي تحدد السلوك البشري غريزة حماية الوجود المادي، أي سلامة الحياة أو البقاء على قيد الحياة. وهنا وقعنا في الفخ يجب اغلاق الأبواب أمام الجميع. وثانيًا، التضحية بحرياتنا "مؤقتًا" من أجل صحة كل منا! وضع الناس في مثل هذه المعضلة يعني جعلهم يتنازلون طواعية عن حريتهم، لأنه من الواضح أن الغالبية ستختار الصحة.

08- هناك تجربة اجتماعية أجراها أستاذان. حول وهم الحرية في المجال الاقتصادي ؛ حيث تم وضع جناحين مختلفين مقابل بعضهما البعض في احد المتاجر الكبيرة، تم وضع 6 أنواع مختلفة من المربى على الحامل المقابل لـ 24 نوعًا مختلفًا من المربى في حامل واحد.، لوحظ أن الغالبية العظمى من المتسوقين توقفوا عند المنصة حيث عرض 24 نوعًا مختلفًا من المربى. و 3٪ فقط من الذين زاروا الجناح مع 24 مربى مختلفة اشتروا المربى. والسبب هو عدم القدرة على الاختيار .

وماذا عن كلاب بافلوف؟

جعل بافلوف يجري الاختبارات على الحيوانات ويبحث هو اتباعه في نشاط الانعكاسات وموقعها من السلوك . وبذلك حصل على معلومات قيمة . واستطاع بتنشيط بعض الانعكاسات على بعضها الاخر وضع الكلب في حالات من النوم والتنويم والنورستانيا . اطلق بافلوف على نظريته النيوريزم أي التنظيم العصبي للسلوك او هيمنة الجهاز العصبي على كل مظاهر السلوك واكد ان الفعل هو اللبنة الأولى للسلوك الحيواني والإنساني حيث دراسة السلوك مفتاح فهم حقيقة الانسان وكان منهجه هو منهج الفعل المنعكس الشرطي وطبق نظريته في دراسة أنماط الجهاز العصبي لدى الكلاب.وهذه النظرية تطبق علينا اليوم .

لقد اتضح له ان الكلاب ليست على نوع واحد وكذلك البشر في الاستجابة وهذا واضح في موضوع الارتباط بين عمليتي الاثارة والكف واليقظة والنوم وحدد بافلوف نوعين من الامراض النيورستانيا والهستيريا وخصائص الأولى هي غلبة الاثارة وضعف الكف والثانية عكس الأولى يقول بافلوف: " تقوم نظرية النشاط الانعكاسي على ثلاثة مبادئ أساسية من البحث العلمي الدقيق: أولا مبدا الحتمية، أي كل فعل او حدث معين له دفع ما او حافز او علة . وثانيا مبدا التحليل والتركيب .. وثالثا مبدا التوافق بين الحركة والتكوين " [6]

يقول الشاعر نصار عبد الله في قصائد الى بافلوف

كلبك يا "بافلوف" جن

انت ادرت اعين الزمن ....في وجهي المرتاب

انت قلبت صفحة المجن .....للص والسيد والكلاب

حين أرى الدائرة البيضاء تقصر او تطول ....حين يدق جرس الإنذار ساعة الإفطار

وحيت تصعقني دائرة التيار ....سوف أقول ما تقول سوف اشاء ما تشاء

هأنذا أشحذ من حدائق السماء

فاكهة الرحمة لا اعطي ولا أرد

هأنذا اواجه القضاة فوق الأرض

لا مبرؤ ولا مدان

انقطعت يداي ياسؤالي العقيم

واحترق اللسان .

كيف يمكن التغلب على متلازمة حمار جان بوريدان وكلب بافلوف؟

اقترح مجتبى شيخ علي ثلاث طرق:

01- تحديد النقاط السلبية وإزالة الخيارات

الحل الأول لمشكلة اتخاذ القرار هذه، هو سرد الجوانب السلبية للخيارات المختلفة واختيار الخيار الذي يحتوي على أقل سلبيات.

02- أهداف محددة في الحياة

الشخص الذي لديه هدف محدد في حياته ويعرف منظور حياته، يتخذ القرارات بسهولة أكبر. تساعدنا الأهداف المحددة على اتخاذ القرارات التي ستقودنا إلى هدفنا في وقت أقرب.

03- الخطوط الحمراء واضحة

هذه المسألة قابلة للتطبيق أكثر في المفاوضات، لكنها تعميم على أجزاء مختلفة من الحياة. الشخص الذي يكون خطه الأحمر واضحًا في الحياة والعمل والتفاوض لن يكون مهووسًا بالاختيار.

الخلاصة

كتخريج عام نقول ان الانسان اذا فقد حرية الاختيار اصبح دون الحمار ففي قصة قصيرة للجزائري محمد دلومي بعنوان عندما كنت حمارا استهل قصته بهذا القول: " ما أروعك وأنت حمار حر وما أتعس الانسان وهو عبد" وتساءل بعمق: إن كان هو أنا فمن تراه يكون الحمار؟ وفي مقال اقزام الثقافة والحمار القصير للكاتب الجزائري محمد خريف أشار الى هذا الصنف من الناس بأسلوب تهكمي قائلا : الحمار الثقافي في نظر البعض سهل الامتطاء ..في متناول كل قزم يطمح الى الرفعة والصعود ...هذا الحمار مسالم يعاني من غباوة راكبيه وهذيانهم المتواصل.. انه يصبر على الأذى ...ويجابه أحيانا بالنهيق والصغور. وللخروج من هذا الوضع المخزي لابد من النضال والثورة على كل ماهو سطحي وتافه في الحياة وذلك من اجل التحرر، بغرس إرادة الاختيار في النفوس فكرا وسلوكا و التأكيد على انه لا يمكن التنازل عن الحرية تحت أي اكراه فلا يوجد ألم اشد من حالة سيزيف فقد حكمت الآلهة عليه بأن يدحرج بلا انقطاع إلى قمة الجبل صخرة تعود لتهوي إلى الأسفل بسبب ثقلها. فقد ظنوا، ولسبب معقول، أنه ليس هناك عقاب أبشع من العمل التافه والذي لا أمل منه. وغياب الحرية يفتح ولاشك أبواب التفاهة ومن ثم موت الانسان. *

 

عمرون علي - أستاذ الفلسفة

المسيلة – الجزائر

...........................

المراجع المعتمدة

[1]- يمكن العودة الى مقال -مصادر الوهم-

محمد علي عبد الجليل

http://www.maaber.org/issue_october10/editorial.htm

* كان جان بوريدان (1358-1300) فيلسوفًا فرنسيًا مؤثرًا وعالم لاهوت من العصور الوسطى عاش في القرن الرابع عشر. كان من أتباع ويليام أكامي. قام بالتدريس في جامعة باريس وكان في عصره أعظم مدرس للفلسفة والمنطق. كان مهتمًّا بدراسة سلوك الإنسان، ومسألة الدوافع التي تحرك الكائن الحي، وتدفعه لما يقوم به من أفعال، وتحدد ما يفضله من اختيارات. "معضلة الحمار" أو" مفارقة بوريدان" "Buridan's Paradox" كما يطلق عليها نسبة للفرنسي جان بوريدان وهي من المفارقات المثيرة التي نسبت ل بوريدان

[2]- الحرية الإنسانية والعلم، يمنى طريف الخولي، دار «نيو بوك» للنشر والتوزيع القاهرة، ص:85.

[3]- الحرية الإنسانية والعلم، يمنى طريف الخولي، دار «نيو بوك» للنشر والتوزيع القاهرة، ص:85.

[4]- طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، عبد الرحمن الكواكبي، دار الكتاب المصري، ص : 65

*هذا ما أشار اليه أحد المفكرين الاتراك في مقال له عن حمار بوريدان

[5]- المسرح التونسي: أوهام الحرية.. والقمع أيضاً، العربي الجديد، عدد 28مارس 2017

[6]- بافلوف ابحاثه في الجهاز العصبي والتعلم والتدريب وظواهر اخرى، عبد المجيد كركوتلي، الطبعة الثالثة 1986، مطبعة الهلال، ص : 39

* موت الانسان حالة وصفها المفكر علي شريعتي في عبارة موجزة: كسروا الأقلام .. كمموا الأفواه.. الأفكار مشلولة ... العقول مخدرة.. الأوفياء يعيشون الوحدة .. الشباب يائس ومنحرف ... هذه سمات هذا العصر.

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم