صحيفة المثقف

أتطبيع هو أم اندماج إماراتي مع الكيان الإسرائيلي!؟

بكر السباتينفالخيبة لا تشبع إلا قصير النظر.

في جعبتي سؤال فنتازي يخالف منطق الأشياء على صعيد التطبيع العربي الإسرائيلي.. فهل يمكن وصف العلاقة بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائلي في ظل التسارع التطبيعي الكبير وكثير المفاجآت في أنه "اندماج شامل بين البلدين" بحيث يسود فيها الأقوى ويستحوذ على جوهر علاقته مع الأضعف بحنكة واقتدار فتتحول هذه العلاقة الطفيلية تلقائياً إلى احتلال مُقَنَّعْ" أم أنها مجرد معاهدة سلام شاملة تحكمها المنادَدَةُ الموضوعية وتفيض عائداتها المادية والمعنوية على الطرفين خيراً دون مواربات مبهمة، ويتحالف في إطارها الطرفان تلبية للمصالح المشتركة في إطار الرأسمالية حتى لو نعتت بالمتوحشة، دون أي اعتبارات قومية وإسلامية أو إنسانية وأخلاقية في زمن لا ينتظر الحالمين من أصحاب المبادئ وثوابتها "العقيمة".. مع أنه سبق لبعض الدول العربية أن وقعت مثل هذه المعاهدة بدئاً من كامب ديفد مروراً بأوسلو ووادي عربا وصولاً إلى المغرب.. مع أن كل معاهدات ما يسمى بالسلام العربي الإسرائيلي هي طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني لأنها أدخلت القضية الفلسطينية في أنفاق الموت الباردة وتركت الشعب الفلسطيني دون غطاء عربي، ولو أنها لم تحقق أهدافها التطبيعية وفق ما يحلم به الصهاينة، إلا فيما يتعلق بالعلاقة التطبيعية -للأسف- بين أبو ظبي وتل أبيب التي حركت السؤال في رأسي على اعتبار أنها علاقة تتجاوز التطبيع وتأخذ الطرفين نحو الاندماج غير المألوف على صعيد العلاقات العربية الإسرائيلية في الوقت الذي يُمزق فيه ملف القضية الفلسطينية صفحة فصفحة دون حسيب أو رقيب.َ

ويبدو أن هذه العلاقة التطبيعية "المحرمة" تجاوزت كل المحاذير الإنسانية والأخلاقية! كونها تعمقت في كل الصعد دون اعتبار للضحية، في سياق التحالف العسكري والشراكة الاقتصادية والانفتاح الاجتماعي البيني، وصولاً إلى حد التطابق بين الطرفين في تعريف من هو العدو! على اعتبار أنه "كل ما يمت بصلة بحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي ومن يدعمهما مثل إيران بالدرجة الأولى، وقطر وتركيا نسبياً"؛ لذلك ينسق الطرفان الإماراتي والإسرائيلي (المكتب الإعلامي الفلسطيني/أوروبا) معاً بكل السبل المتاحة وخاصة الثقافية والإعلامة وبوكالة إماراتية؛ سعياً منهما إلى إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من أية معادلة داخلية للقضية الفلسطينية كونها ظلت الهدف القائم من قبل حماس والجهاد الإسلامي وبعض الحركات الفلسطينية المستجدة للدخول في إطارها التنظيمي.

بالإضافة إلى التآمر على وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنوروا) كونها تربط الشعب الفلسطيني بحق العودة؛ مما يعيق في نظرهما أي حل للقضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية، كما جاء في صحيفة “لو موند” الفرنسية في تقرير نشرته يوم الأربعاء 23 ديسمبر الماضي بعنوان:

"ظهور محور استراتيجي جديد بين إسرائيل والإمارات"..

وقالت الصحيفة إنه “منذ اتفاق تطبيع العلاقات في منتصف أغسطس الماضي تضاعفت الاتفاقيات الثنائية في مجال التكنولوجيا والإعلام وكرة القدم والسياحة”.

وأضافت أن الأمر وصل “لدرجة أن الإسرائيليين يرون الآن دبي على أنها جنة جديدة”.

وأشارت إلى إبرام سلسلة من الاتفاقيات الثنائية بين الإمارات وما يسمى ب”إسرائيل”، شملت مجالات التكنولوجيا أو الإعلام أو كرة القدم أو الخدمات المالية أو السياحة أو البحث أو النقل الجوي.

وأشارت الصحيفة إلى أن "تعاون الإمارات وإسرائيل تضمن جميع المجالات.

لدرجة أن فردًا من العائلة الحاكمة في أبو ظبي لم يكن لديه أي مخاوف بشأن إعادة شراء نصف الحصة في نادي بيتار القدس".

واليوم، وفي أتون الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية التي تسود المشهد الفلسطيني، يقوم الإعلام المحسوب على دولة الإمارات المتحالفة مع الاحتلال الإسرائيلي بتلميع رجلِها محمد دحلان، المتهم فلسطينياً بالفساد والعمالة للكيان الإسرائيلي؛ لكي يترشح للانتخابات الرئاسة الفلسطينية المقبلة والمزمع إجراءها في 31 يوليو 2021، أو فوز التيار الدحلاني بمقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني التي ستجرى في 22 مايو 2021،، أو المجلس الوطني الفلسطيني، التي تعتبر نتائج انتخابات التشريعي هي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس يوم 31 أغسطس 2021، وذلك بحسب النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية (المستهدفة كما أشرنا أعلاه) والتفاهمات الوطنية بين الفصائل، ووفق ما جاء في الإعلان الرئاسي.

حيث أكد القيادي في "تيار دحلان" سفيان أبو زايدة (فيسبوك)، أن(تيار دحلان) سيشارك في هذه الانتخابات بقائمة مستقلة عمادها قيادات وكوادر التيار مع بقاء الباب مفتوحا أمام شخصيات وطنية وقامات اجتماعية".

وكما يرى محللون، فإن إيصال دحلان إلى منطقة القرار الفلسطيني يمثل طموحاً لما أسمته اللوموند الفرنسية ب"المحور الإماراتي الإسرائيلي" في محاولة لتجيير هذا القرار مستقبلاً لصالح ملتقى المصالح الإسرائيلية الإماراتية.

وأخيراً، فإنه من المؤكد أن "المحور الإماراتي الإسرائيلي" سيحظى برعاية الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن الذي سيقف إلى جانب الكيان الإسرائيلي جوهرياً وإن كان سيبدي اختلافاً ظاهرياً بالشكل فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، الذي وصفه الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما في مذكراته الأخيرة بالمعقد الذي يصعب حله؛ بسبب ضغوطات اللوبي الإسرائيلي على القرار الأمريكي.. وأخيراً أقولها وأجري على الله:

فالخيبة لا تشبع إلا قصير النظر.. عجبي!

 

بقلم بكر السباتين

3 فبراير 2021

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم