صحيفة المثقف

صلاح حزام: نظام اللزمة العثماني والتهرب الضريبي في العراق

صلاح حزامعندما شعر الولاة العثمانيون في العراق بصعوبة جباية الضرائب من الفلاحين، استخدموا نظام "اللزمة". وهو نظام يتعهد بموجبه شخص ما للسلطات بأن يدفع لهم المبلغ الاجمالي الذي تطلبه تلك السلطات، على شرط ان تزوده السلطات بالقوة العسكرية اللازمة لاجبار الفلاحين على الدفع.

من الطبيعي ان يقوم الشخص الذي التزم مع السلطات، بجباية مبالغ اكبر بكثير من المبلغ الواجب دفعه بموجب عقد الالتزام.

لقد قام هؤلاء المتعهدون بسحق وتدمير الناس الفلاحين لغرض جباية اموال الضرائب. استعملوا اساليب التعذيب والعنف والأهانة، والذاكرة الشعبية تحتفظ بالعديد من الروايات عن تلك الممارسات.

السلطات كانت تعلم ذلك وتعلم انه سوف يسحق الناس ويتعسف في الجباية، لكنها لاتمانع طالما قد جنّبها ذلك المتعهد مشقة الجباية.

الاموال الكبيرة التي تتم جبايتها كانت تُنقَل الى اسطنبول ولايصرف منها شيء لتطوير البلد في ميدان البُنية التحتية والخدمات الخ ....ذلك أدى الى استياء عام، ودعى رجال الدين الى الإفتاء بجواز التهرب الضريبي للاسباب اعلاه.

الغريب ان فتوى جواز التهرب الضريبي ظلت سارية المفعول حتى بعد قيام الحكم الوطني وذهبت كل الجهود سدى لاقناع الناس ان الأمور تغيرت.

ولازالت الى اليوم راسخة في اذهان الناس وقناعاتهم .. لذلك نجد ان التهرب الضريبي ثقافة سائدة، ولم اسمع ولو مرة واحدة شخصاً يقول ان ذلك غير جائز ...

ربما الشعور بأن الدولة غير عادلة وليس للناس رأي في صرف المال العام، ساهم في ترسيخ تلك النظرة .

كذلك فأن كون الدولة نفطية وان الحكومة تحصل على ايرادات المورد الريعي الكبيرة، جعل الناس تتصور انها ليست بحاجة الى اموال الضرائب..

الملفت للنظر ان هنالك اعداد من الجهلة لازالوا يترحَّمون على الحكم العثماني لانه " اسلامي" ويتحججون بأن السلطان العثماني فلان عظيم لانه اصدر القوانين والثاني عظيم لانه نشر الاسلام عن طريق الفتوحات والآخر عظيم لأنه فتح القسطنطينية الخ .. وكأنما فظاعاتهم التي يرتكبونها في البلاد الاسلامية لاتعني شيئاً !!!

المهم ان يكون الشعار اسلامي، اما مايجري ارتكابه من انتهاكات تحت ظل ذلك الشعار فأنه مسألةٌ فيها نظَر.

 

د. صلاح حزام

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم