صحيفة المثقف

ريبيكا روث غولد: الفلسطيني رامي العاشق يكتب عن موته المؤجل في "مذ لم أمت"

2640 ترجمةيفتتح السوري ذو الأصول الفلسطينية رامي العاشق مجموعته “مذ لم أمت” بقوله: “لا رأس لي، ولا اسم، ولا هويّة، جمعت (هذه النصوص) وأنا بكامل إيماني بحاجة الواقع إلى أن أكون كاتبًا أكثر مما أكون شاعرًا”. ولتفسير هذا الكلام الذي يشبه الاعتراف لكاهن لا نراه ولكن نعرف بوجوده وراء الستارة يقول إنه جمع:”هذه النصوص كمن يجمع أشلاءه، وها هي أشلائي مجمّعة في كيس ورقيّ، غير مرتّبة، عشوائيّتها هذه، حقيقيّة بخرابها، دمويّة تارة، عنيفة، صادقة، خياليّة، ذاتيّة، تشبهني بكلّ جنوني وأمراضي وما أنضجته الثورة فيّ وما كسرته الحرب وما أكلته الغربة منّي”.

وتبدو المجموعة المكتوبة بشكل مقطوعات نثرية وكأنها تتحدى النوع الفني كله، فالكاتب صمم أن “يبتعد بهذه المجموعة عن التصنيف”. وقد أعادت المترجمة إيزيس نصير Isis Nusair انتاج هذه الحيرة بنثر بليغ اختار لنفسه قوالب تناسب إيقاع النحو الإنكليزي.

تتابع القصائد رحلة الكاتب من مخيم اليرموك، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، إلى ألمانيا، وترهن نفسها لتدوين يوميات الحرب والعنف، وكذلك تركز على تفتح وذبول غرام الكاتب مع امرأة كان يصورها ثم يحجبها في سرده، كما لو أنها شبح أو جزئية من حياة تركها خلفه. بالنسبة لأي لاجئ “حتى الوطن المؤقت يتحول لسجن” كما يقول العاشق الذي ينفذ ببصره الثاقب من خلال متواليات الحب والعزاء، ويترجم الألم المبرح والمعاناة بلغة خبرة وتجربة كونية. يقول الشاعر:”الحنين صوت، ولكن أنا فقدت صوتي - إن كان لي صوت”. وفي لحظة مكاشفة يضع نفسه وراء القضبان في قصيدة بعنوان “الذين قتلتهم حتى الآن” ويتهم ماضيه ويقول عنه إنه مدنس برغبات فاجرة ومخربة. قبل أن يقول بأعلى صوته:”كثيرون فعلوا مثلي، كثيرين قتلوا، كلكم قتلتم في أحلامكم، إلا أنكم لم تعترفوا بعد”.

وفيما أرى هذه النصوص تكشف عن صوت ضعيف ينحني أمام الحب، دون أن يتخلى عن إقدامه وشجاعته في سعيه نحو العدالة.  عموما القصائد تناسب القراءة المؤلمة: فهي تلقي الضوء على التخبط المتراكم، على مستوى النوع والأفراد، وفي مجال الحياة العملية والغرام، وتفضح علنا المحاولات الفاشلة في تصحيح الأخطاء التي مرت على الشعوب المسالمة والبريئة طوال عدة قرون.

صدرت المجموعة حديثا عن دار النورس “seagull” في لندن، وضمت 17 قصيدة و122 ص،  مع مقدمة بقلم الشاعر، وقام بتحريرها ليفي تومبسون.

 

الترجمة بتصرف: صالح الرزوق / بالتنسيق مع الكاتبة.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم