صحيفة المثقف

ضياء نافع: تمثال عزيز علي بمبادرة من دار نوّار

ضياء نافعالى المبدع جمال العتابي، الجندي المجهول، الذي صاغ – وبمهارة دبلوماسية عالية - هذا الحدث العراقي التاريخي الجميل.

تم ازالة الستار وتدشين التمثال النصفي للفنان عزيز علي بقاعة الرباط في بغداد بتاريخ 23 تشرين الثاني / نوفمبر 2021، وهو اول تمثال يقام في العراق لهذا الفنان الرائد الكبير، الذي كان يكتب كلمات أغانيه ويلحنها ويغنيها بنفسه، انطلاقا من هوايته ليس الا، والذي لم يكسب من تلك الاغاني الرائعة الجمال (من حيث الكلمات والالحان والغناء) شيئا، سوى محبة الناس وكراهية الحكّام، وربما يمكن القول، ان عزيز علي هو الفنان العراقي الوحيد الذي رسم في تلك الاغاني صورة فنيّة (دائمية!) لما يجري في العراق منذ تأسيس دولته قبل قرن والى حد الوقت الحاضر، صورة تدهش كل المستمعين العراقيين قاطبة، بغض النظرعن طبيعة هؤلاء المستمعين وثقافتهم وانحدارهم الطبقي، بل انني سمعت مرة تعليقا (وقبل فترة ليست بعيدة بتاتا) لأحد العراقيين البسطاء عندما كان يستمع الى اغنية لعزيز علي وهو يقول – (يمعوّد هاي اغنية كاتبيها هسّه ويذبّوها براس عزيز علي، لأن يخافون من الحكومه !) .

وقصة هذا التمثال ابتدأت عام 2020، عندما وسّعت لجنة جوائز نوّار (كانت الجائزة الاولى لتعزيز الحوار العراقي – الروسي والجائزة الثانية للمترجمين العراقيين)، وقررت تأسيس جائزة ثالثة لخريجي مدرسة الموسيقى والبالية العراقية، وهكذا تم منح تلك الجائزة للفنان عزيز علي باعتباره احد مؤسسي هذه المدرسة ولمساهمته الابداعية بالحركة الفنيّة في العراق، وفي عام 2021 قررت لجنة جوائز نوّار الاستمرار بمنح جائزة تعزيز الحوار العراقي – الروسي فقط، وتحويل الجائزة الثانية والثالثة الى اقامة ثلاثة تماثيل في بغداد لرجالات العراق لمناسبة الاحتفال بمئوية الدولة العراقية، وهم – الفنان عزيز علي وعالم الآثار طه باقر والشهيد فؤاد ابراهيم رئيس قسم اللغة الالمانية في جامعة بغداد. وقد تم فعلا افتتاح تمثال الشهيد فؤاد ابراهيم في كليّة اللغات، ومن المفروض قريبا افتتاح تمثال طه باقر في كليّة الآداب بجامعة بغداد، ولكن تمثال عزيز علي بقي معلقا بشأن مكان اقامته، وأخذ الدكتور جمال العتابي على عاتقه كل المسؤلية بشأن هذا التمثال، فهو الذي اتصل بالنحات المبدع موفق مكي، وهو الذي تفاوض مع وزارة الثقافة حول مكان التمثال، وهو الذي تابع كل مسيرة هذا العمل غير السهل وغير الاعتيادي بتفاصيله اليومية ضمن وضع الادارة العراقية الخاص جدا، واستطاع  د. جمال العتابي بخبرته الادارية ودبلوماسيته الرقيقة ومعرفته الواسعة انجاز هذا العمل التاريخي بالنسبة للحركة الفنية في العراق، وتحقيق هدف جائزة نوّار باقامة التمثال النصفي لعزيز علي تخليدا لهذه الشخصية الفنيّة باعتباره واحدا من رجالات الدولة العراقية التي تحتفل هذا العام (2021) بمئويتها.

تصفيق حاد للدكتور جمال العتابي، وللنحات المبدع موفق مكي، ولدائرة الفنون الموسيقية بوزارة الثقافة ومديرها الفنان علاء مجيد، ولكل الذين ساهموا بالحفل الجميل والرائع في قاعة الرباط بتاريخ 23 تشرين الثاني / نوفمبر عندما ازيل الستارعن التمثال النصفي للفنان العراقي  الكبير عزيز علي، والشكر الجزيل لكل الاصدقاء الذين ساندوا الفكرة وساعدوا من اجل تنفيذها، ومنهم -  د. خليل عبد العزيز وصلاح الماشطة وعلاء المفرجي ود. غازي شريف، وتصفيق خاص للقرار الذي أعلنه السيد مدير عام دائرة الفنون الموسيقية بوزارة الثقافة في الحفل المذكور عن وضع ذلك التمثال النصفي في مدخل مدرسة الموسيقى والبالية، حيث سيقف مؤسس تلك المدرسة العريقة مع أحد الذين درس وتخرّج فيها ليقولا للتلاميذ الجدد – اهلا وسهلا بالاجيال العراقية الجديدة في مسيرتكم الفنية ...

 

أ. د. ضياء نافع 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم