نصوص أدبية

تحت خط الحب .. (غوانتنامو) قصة حب في غياهب الصمت..

بين حب العراقيين لكل شيء يحمل رائحة الأرض حتى وأن كانت تلك الفاكهه والخضار لا تحمل لون وبريق   الفاكهه المستوردة !

 

هي أمرأة في منتصف القطاف،وجهها غادره البريق الأربعيني ونضوج النظرات الواثقة بماغادره من سنوات الإكتمال،

قلبت بيديها سلال الفاكهه فرمت بما أنتقت منها الى مكانها لتقول:

لم يعد للأشياء طعم بعده !كان يتسوق لي أشهاها  وألذها .، ربما كان حبه يجعل من كل مايمسك به له مذاق آخر ؟

ورددت: آه ( غوانتنامو) !؟

  تراجعت خطوة وقدمت خطوة أخرى للأنصراف بعيدا ضنا مني أنهاأمراة مجنونة لكنها أستدركت قائلة : الخوف بدأ يزحف على النفوس حتى لم يعد هناك من يسمعني !؟

الحقيقة أن هذا الأسم (غوانتناموا) رعب لما نسمع عنه

لم أجرؤ على ذكر أسم هذا المعتقل في لحظات حرجة مر بها وطني

ولكني كنت قد عرفت فيما بعد أنه سجن يطبق الصمت على شفتي ساكنيه ألا حينما يصرخ القابعون به من ألم التعذيب !

ولعل حريتي التي أسعى أليها وأحاول مسك زمامها كي لا تضيع مني جعلتني أهاب الخوض في أي تفاصيل تحمل لغة أسوار ..  معتقل .. سجن .. حتى الأسماء التي حملت بين أحرفها ذاكرة القيود والسجون كانت ترعبني .. سلمان و(نقرته) وغريب وأبوه ..

ولكن معتقل (غوانتنامو) هذا الذي جاء من حيث لا ندري ! أوربما كان خلف أسوار الوطن ود خل على غفلة من سقوط الستار ليدخل بأسمه ذاكرتنا العراقية الديمقراطية ويأخذ برجال من كل صنف ولون ويفتح ملفات (حرب) لا تخلو من (الحب)..

وهاهي المرأة تعود لتستدرك بذاكرتها المنهكة قائلة:

في ذلك اليوم الذي غادر المنزل كانت عيناه تتنقل بين أرجاء بيتنا الصغير وطبعت شفاهه قبلات على جباه أبنائنا حيدر وياسمين وكأنه كان يودعنا لسفر مفاجئ ؟! نعم غادرنا منذ ثلاث سنوات وكنت أبحث عنه بين أسماء المفقودين هنا، وبين صور جثث الطب العدلي هناك، حتى بدء اليأس يدب بين أركان روحي وأنه ذهب ضحية انفجار لم يبقي منه شيء،وفي ذلك النهار الذي حمل بشارة لي قال لي أحد أصدقائه أنه معتقل في (غوانتناموا) ولكنه غير متأكد تماما،!! فهذا المعتقل يقبع بداخله المجرمون والمتهمون بالأرهاب !

وزوجي رجل لم يعرف طريقا الى تلك الزوايا المظلمة كان أكثر من رجل مسالم حتى كان يقول (السير بجانب الحائط أفضل من السقوط من فوقه).

حاولت أن أجد طريقا يوصلني الى أن زوجي مازال على قيد الحياة وأنه نزيل ذلك السجن، مرت سنة أخرى لتكمل أربعة من صبري وتخبطي، وكانت تلك الرسالة الشفوية والتي وصلتني مع رجل أطلق سراحه من المعتقل قال لي على لسانه : الحب تهمة كبيرة تلصق بكثيرين وربما تقودهم الى الموت في لحظة وعندما يكون الوطن هو الحب الأكبر في حياتنا تكون تهمة الأرهاب كذبة يبتدعها صانعوا الموت و يصدقها الكثيرمن  القابعون في سجن (غوانتينامو) بالرغم من معرفتهم أنهم أبرياء ..

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1301 الجمعة 29/01/2010)

 

 

في نصوص اليوم