نصوص أدبية

الشعر والفلسفة كلاهما من مشتقات الفراغ / كن قمراً معتماً فقط

أو لستَ من سنخِ تلكَ السَّماء

أنت نفيٌ لأنتَ ونفيٌ لكونكَ نفياً لأنت

فإن عدتَ أنت

تجدَّدَ نفيُك حتى تطابِقَ معنى العماء

***

 

هي ذي نفسُكَ السائلهْ

كلعابِ الملاكِ المصابِ بحُمّاهُ في موسمٍ للزكام

هي ذي نفسُ شاعرِها تتحرَّجُ من أنَّها الآنَ نفسٌ ككلِّ النفوسِ

وتجهشُ للهِ أن تتعطَّلَ فيها الحياةُ التي ليسَ تفضُلُ شخصَ الحمام

وتعودُ لمعنى الهدوءِ وأنظرُ إذ ذاكَ للنفسِ

لا أبصرُ النفسَ واحدةً

وتفاجئُ عينيَّ هيأتُها العائلهْ

***

 

لم يكُ الوجهُ، وجهُكَ يا صاحبي جاهزاً للضباب.

لم تكُ العينُ، عينُكَ ماثلةً للغياب

ولم يكنِ الشعرُ- أعني به ما تغيبُ عن الوعيِ فرطَ تمغنطِهِ

بالإلهِ وبالصوتِ في كبدِ النارِ

 متَّجهاً صوبَ رأسِكَ

حين تهيَّأَ للرمحِ

من بعدِ ما فصلوا جسمَهُ عنهُ

إذ كانَ جسمُكَ ياصاحبي حينها آيةً

 يتموسقُ إيقاعُها في خيالِ الكتاب

***

 

يكذبُ الشعرُ

أو يصدقُ الشعرُ

أو يصبحُ الشعرُ أنحفَ من جثةٍ للبعوضةِ

أو تنظرُ الفيلَ تحسبُهُ بقَّةً بالقياسِ إلى الشعرِ

كلُّ الذي قيلَ في صفةِ الشعرِ أو ما  يقالُ هراءٌ

 فها أنتَ تبرأُ مما كتبتَ

وتعرضُ عن قطعِ هذا اللسانِ الذي هو في داخل الفمِ

 لا رغبةً بالكلام

ولكن لأنكَ يا صاحبي خارجٌ داخلٌ للمراحيض

من فجرِ يومكَ حتى الظلام

فلو رمتَ بترَ اللسان

إذن كيفَ تشربُ ماءَك أو تأكلُ الزادَ

كيفَ تميِّز بين اللذاذةِ والضدِّ في وجباتِ الطعام؟!

***

 

لا أريد من الشعر حلاً لمعضلة الكون

لا أطلب الحلَّ أيضاً من الكتب الفلسفية،

ما قيل كان هراءً

وما لم يقله إلى الآن من أحدٍ سيقالُ ويمقته الآخرون

ويبقى بنو آدمٍ على نفس منوالهم

يطرحون سؤالاً ولا يبتغون الإجابة

ما قيل كان هراءً

وما لم يقله إلى الآن من أحدٍ

سيقال غداً ثمَّ يمكث كالجرذ بين تضاعيف كلِّ العقول.

***

 

هل تريد من الناس أن ينظروا ثمَّ يبتهجون

لأنك تشبه ما زار أحلامهم في المنام؟

لعلَّك يا سيدي رجلٌ من بقايا الأساطير

أو ربما لم تكن قطُّ لحماً وعظماً

ولكن تفيَّأك الناس ظلاً من الشمس

هل أنت تمقت أن تتحوَّل ظلاً

فكن قمراً واستقلَّ عن الشمس

كن قمراً لا ينير

كما لو تهدَّم من بعد عمرٍ طويلٍ

فأصبح شيخ السماء ولا غير

 يحظى بتكريم كلِّ الكواكب

لكنه لا ينير

وكن قمراً معتماً

إنَّ نورك ليس قوامك لو كنت تشعر

نورك شيءٌ دخيلٌ عليك

ومحض علوِّك عن هذه الأرض

 محض ارتفاع العيون إلى حيث أنت

يؤلِّف كلَّ القوام.

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1315 الجمعة 12/02/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم