تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

سبع حالات للوردة

أم جفاف عيون الأريج في غدد الرحيق؟!

ومن الأسبق فيكِ!

عاصفة الشوق، أم روح الرحيق؟؟

هل تدليني، وأنا المحبوس في قمقم الغدر قبل ميعاد رياحي، أقرأ في كتاب الحزن كلمات منقوشة بحناء أصابعكِ النحيلة..

"وحبي كتاب حزين، استغاثات سطور تائهة، اغتراب حروف حائرة..وجع مسافر في عروق عاثرة

جرحي أنتَ

أحبك في زرقة السماء..

وانكسارات الضوء على أجنحة الحمامات المسافرة

كيف أنساكَ وأنتَ في مقلة العين..

ترقد نظرة ساكنة"

لو تعلمين، أنكِ صرتِ وردة الوقت، بعد أنْ أسروني في قارورة دلقوا منها نبيذ حلبته امرأة من ضرع دالية، ما زالتْ تسكنُ خاصرة الكرمل، صارت القارورة قمقمي، ألقوها في قاع البحر الغويط..

مَنْ يخرجني من الماء إلى فضاء أرض الله.. فأنا لا زلتُ أحيا الوقت محطات سفر..

لا تأخذك الظنونُ بي..فأنا ما زالَ يأخذني الغيابُ كلما زارني الحلم، ورأيتُ لعنة الوقت في عينيكِ دمعا ينهمر.. تنزفين الآه بعد الآه على وجع الانتظار... ماء جرحك بلورة في عتمة الحال تشعُّ.. تحمل فتى ذَرّوه في وجه ريح عاصفة سحبت من ضرع الفقد حليب الشهوات.. وأنا ما زلتُ ألعق ما تبقى من طعم النبيذ يأكلني الخدرُ.. يهذي فيَّ ما يشبه الوهم على رجع صوتي من بعيد..

 آخذكِ إلى خاصرتي..

وأفرد قلبكِ جناحين..

بهما أطيرُ..

نسكنُ في إبط الغيمة

ونجدلُ من الحكايات حبات مطر

يهطلُ مع الفجر ندى

يورقُ بين الشفاه ورداً..

ينشر روح الياسمين

لو تعلمين..

أني وشمتك على قلبي فراشة

فصار قلبي قنديلَ فرح..

فاهبطي في بساتيني.. لنشدو.. و..

 

 مقام الانتظار

مَنْ عاش مثلي، داخل قارورة سقطتْ في غابة المرجان، هل تحمله شبكة صياد عجوز أفنى عمره على أمل اصطياد سمكة أرجوانية، تخبئ بين حناياها اللؤلؤة، حتى كان يوما، ظهر فتى من بني الماء، لعبط حول القارورة، رقص على ذيله شبقاً، وأخبر وليفته عن امرأة تقفُ عند منتهى تيار المياه الدافئة، وتذرفُ الدمع بلورا مشعّا، وأخبر عن صياد يغزل من خيوط الشمس شبكة صيد!! فصرحتُ من داخل القمقم:

- أما المرأة فهي من تنتظرني، فماذا عن أمر الصياد العجوز يا أمير الرقص؟!

 لم يسمعني المائي وتركني مع حيرتي، ربما لم يسمعني، وانطلق صعداً مثل سهم الضوء إلى سطح الماء..

ما الذي في الأرجوانية يشبهكِ؟

هي بعضُ الطيف، وأنت جديلة ألوان قزح!

وما الذي في المائي يشبهني؟

هو الطليق، وأنا الأسير!!..

ها هو الماءُ يضربُ جدار القارورة ينفذ في خاصرتي وجعاً،

هل خذلتك الظنون..؟

هل ما يصلني وشيش الماء أم همس عتابكِ؟

" يا قادما من النسيان، حيرني أمرك، تأكلني الهواجسُ والأفكارُ، فكلما جئت توقظ جرحي..؟"

لماذا كلُّ شيء فيك تغيّرَ؟!

لِمَ قلتَ لي:

دعيني في إعصارك أضيع

وفي عيونك أُبحر

فالعمرُ معكِ رحلة في حقول تفاح

وربيع أخضر

يومها أحببتُ أيامي

وأعدتُ ترتيب الثواني

وما عادتْ مرآتي مني تضجر

يا قادما من النسيان،هل تسألني حالي ؟

سألتُ عنك المرايا،، وجلستُ أبكي في الزوايا.. وكلما فاضَ بي الانتظارُ أهربُ إلى البحر حيث كنا نجلس يوما، أُروّح عن نفسي، وأعجب من صياد عجوز لا يكفُّ عن غزل خيوط الشمس.. ولا يكفُّ عن التحديق في سطع الماء.. أرنو إلى حيث ينظر..تطلُّ أنتَ.. توقظُ جرحي..

يا مَن كنت كلَّ العمر

هل يشفي الروح عتاب أو اعتذار؟!

فلتمضي في سبيلك

وأنا سأمضي!!

فالرفقة يا صاحبي أقدار!!

 قدري يا سيدتي أنْ أكون الأسير.. وأن تكوني الطليقة، وأنْ نعيشَ الانتظار..

 

مقام الارتعاش

جلست في ركنها عند ذراع البحر، تهذي أو تتذكر:

هل كانتْ مقدماتُ الغياب؟

وهل كان الوقتُ يتربصُ بنا حتى ونحن بين الأصدقاء، والمساءات أحاديث، وموسيقا وغناء، فجأة تأخذنا كفُّ الحزن، يورق فينا الجنون.. والآن يا صاحبي، بتُّ كلما التقينا في الحلم، يصيبنا الشحوبُ والوجوم، نصبحُ أطلالاً خلفتها الأيامُ والسنون..

نعيشُ الفصول شتاء إثر شتاء..

نجلسُ في مغارة الحزن.

نقرعُ كؤوس الحزن والشقاء..

نفتحُ دفاتر العويل..

ونضحكُ عند حافة البكاء

أيعقلُ أننا تركنا الوجدَ يرحلُ عنا؟؟

وأفلتنا بعدهُ من خيوط الهناء!!

أيعقلُ أننا قتلنا أجمل اللحظات..

نتبارى بالهزائم..

نحصي الانتصارات..

نقرعُ طبول حرب خادعة

ونرفعُ الرايات..

رقَّ الصيادُ لحالها، وراح يرتق ثقوب شبكته بصبر عجيب.. هتفت المرأة:

- هل يعقل الصيد بشبكة من خيط الشمس؟!

شخصَ الصياد إلى صدر البحر.. لاحتْ في المدى هالة أرجوانية، سرعان ما اختفتْ في عب الموجة.. أخذ المرأة الذهولُ.. قالتْ:

- هي لاحت لي!!

ذرف الصياد دمعة أب، قال:

- مَنْ هي؟!

- الأرجوانية

أخذ رأسها على عين قلبه، وأرهفَ السمعَ لدقات قلبها..قال:

- في الحلم يصبحُ الوهمُ حقيقة..

ومضى يغزلُ من خيوط الشمس شبكة صيد..

 

مقام الأريج

طالت الرحلة يا صاحبتي، وأنا ما زلتُ في القارورة  يُعَتقني الغيابُ، يأخذني الماء إلى حيث يريد.. كلما اشتقتُ إليكِ أفتحُ بوابة الأمس، أبحث في عينيكِ عن كوخ كانَ لي، يحميني من لفح الصيف، ولسع صقيع الشتاء.. وأفيقُ، فلا تكوني.. ولا يعمرني العبقُ.. حتى بقايا نبيذ الدالية نفذ من خياشيم الوقت.. لم يعدْ يزودني بالخدر.. وأروحُ في غفوة مفتعلة إلى غابة المرجان.. أشهد فقس بيض حوريات الماء، عن عرائس، ترضع الشهوات منذ بداية تكوين اللون، وحتى ذروة الشهد في صدر الوليف

وأنا أنتظرُ من يأخذني إليكِ

لا أنا يونس.. ولا لاح طيفُ الحوت.. ليس لي غيرُ طائر المواعيد، يخرج من صدري إليكِ..

وطائر الشوق.. دوماً على سفر!!

حطَّ على شرفة قلبي يوما..

نقش على صدري وجهكِ..

ومضى.. لم ينتظرْ

فقدحتُ صوان الفقد على حجر العطش

وَمَضَ الشرر

فحضرت يا أنتِ

والوقت بين عينيكِ..

مصلوبٌ عند ميلاد الفجيعة..

ورقصتِ فيَّ على جرحٍ لم يبرأ منكِ

ومض الشر..

وبقيتُ في لجة الموت

وحدي أنتظرُ أنْ يلوحَ لي طيفكِ

يعقبه مطر..

 

مقام الصهيل

جنية البحر أن الأرجوانية، شهدت كيف تلون الماء بالأحمر القاني، وكيف صار للماء طعمُ بخور محترق، سألت جنية الزوابع:

- من حرق البخور في غير أوان؟؟

- من أشعلَ القتل في البحر والسهل والجبل وفي بلاد ما بين النهرين

- ولِمَ غادرت رائحة البخور روح البخور!!

وقيل أن الأرجوانية لاذت فراراً إلى غابة المرجان، وأنها صامت عن البيض فرقدت على قارورة ملقاة بين الشعاب، وفي الميعاد انشقت القارورة عن أنسي، امتطى ظهرها إلى سطح الماء.. وعندما لاحتْ للعجوز، راح يرقص طربا، فيما المرأة  شاخصة ترنو إلى بطن موجات بعيدة.. تتأملُ كيف تنتهي الأمواجُ إلى رغوة قتيلة.. تترنمُ بذكرى بعيدة:

 ترمقني.. أحترقُ بلذة الحروف، تدرك أنكَ اخترقت الروح.. من منا يا بعيدي يحترق..

ظننتُ أني أملك الكون فيكَ..

لم تعد تحتمل احتضان ليلي..

فتحت شرفاتك للدهشة..

عبرت أمسنا..

هجرت المقاعد والكراسي.

ترسمني تشتتاُ في حدائقك..

واخترتَ رحيلا

موسوما بفرسان العشق..

واحتفيت بالرقص والغناء..

وربما بالنوم..

في أحضان النساء!!

 

 

مقام عذارى الفجر

سألت الصياد العجوز:

-هل تعلمني الصبر؟

- الصبر حياة يا ابنتي!!

وأخذها على صدره، مسح دمعة قبل أنْ تحفر مجرى على صفحة الخد..قال:

- الدمع إذا انفرط على الوجه خأوون

وراحا ينظران إلى صدر البحر.. كانت الأمواج  أفراس متسابقات.. يلهثن، سأل العجوز:

- هل يَلُوحْ لكِ؟

- يطل من عب الموجة.. ويغيب

- هي الأرجوانية آتية لا ريب

تمتمت المرأة :

" تعلمت ألا أحتسي كلام العاشقين.. كل ما يقال كلام ليس فيه يقين.. كالرغوة يمضي!!"

فجأة يظهر في المدى طائرٌ يسابق الموج، ينقر جلد الماء.. يفقأ عين الوقت.. يهزأ من صلف الموجة.. يتبختر حاملا وجه الفتى.. ويطير.. يأخذها الحزنُ إلى الاختناق:

لِم تراود وحدتي؟

تُوقظ خريفي المُجدول في شفق المغيب..

تملأ روحي بأنفاسك..

ونثار الياسمين

وتغيبُ..

فجأة عاريا شقّ العجوز الماء وقف عند مكسر الموج.. لوح في الهواء ألقى بالشبكة اقتنص هامة الموجة.. هتفت المرأة:

- هي الأرجوانية في حضن الشبكة!!

سحب الصياد شبكته إلى الشاطئ بطاقة شاب يافع، وألقى بها عند قدمي المرأة، فخرجت منها عروسُ ماء أرجوانية، جلدها مثل حريري غزلته عذارى الفجر، وقفت على زعنفة ذيلها صارتْ قامتها بطول المرأة.. صارت امرأة راغبة، دلقت من ثدييها نبيذ دالية عتيقة ممزوج ببخور بكر/ فاح البخور سحابة أرجوانية/ صارت السحابة ريح وداعة وقبول، وخرج من بطن الماء أسراب من عرائس البحر رحن يرقصن على أديم البحر.. لاح على البعد سربُ عصافير بألوان قزح.. قبلت السمكة المرأة وفجأة اختفت، وتركت خلفها قارورة  فارغة.. هتف العجوز:  

- انظري هناك..

كان ثمة رجلٌ يحمل بين عينيه وجه صبية، يمتطي السحابة.. يغسله العرقُ..

 

مقام البدايات

جالسة، في ركنها الأثير في المقهى ما زالتْ تنتظرُ، تسرحُ مع مياه النهر يأخذها الشوقُ إلى المصبّ..هو قانون الحياة، كلُّ نهر له نبعٌ.. له مجرى يحضنُ بين دفتيه ما يحمله النهرُ من أسرار وحياة، وهي الواقفة عند نبع الذكريات.. هنا كانتْ بدايات اللقاء، وهنا كانتْ أميرة لياليه..

أخافُ..

أنْ تحطمَ ما تبقى من قلبي..

 فلا أحدَ سواك

يزيدُ من روعة هذا التشتت

يؤججُ فيَّ قلق الزنبق

ويجعلُ ضياعي فيكَ..

توّحد!!

كان يعشق معها عرق التمر، ترتشف من كفيه بعض نبيذ الدالية، وكان النادلُ في ليالي الصبابة مصباح علاء الدين..

ها هو النادل هامساً يسأل:

- ماذا تشرب سيدتي

- فقط بعض ماء

هل تحضر الليلة!!

وتمشط أروقة الليل..

يتماهي دخانك بين أصابعك.

مع دخان تبغ اللفافة

أقرأ في عينيكَ وجل السؤال!

من شتائه ليس بارداً

ومن منا ريحه لا تصفرُ!؟

ما الذي يحيرك في لغزي؟

تستغرقُ فيَّ..

تتأملُ فصولي

رجع النادل بطبق من فضة خالصة، انطبع عليه وجه الفتى، وعليه كوب ماء زلال، وجديلة من تمر الرافدين، وعنقود من عنب الناصرة.. شهقت المرأة:

- هل حضر؟!!

 

 ............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1074  الاربعاء  10/06/2009)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في نصوص اليوم