نصوص أدبية

قصص قصيرة: حالة كلبيّة

كان يلاحظ ذلك في كلّ مرّة يقابله أو يعترضه صدفة في الطريق ..كأنّه احترق.. أو كأنّ شيئا في داخله قد انطفأ ..أو أنّ ظلاما يتسلّل إلى وجهه من مكان ما  في أعماقه.. تذكّر ذلك المسؤول الذي ألقت به أمواج السّياسة  خارج  وطنه  فأخذ  يبيع  ندمه  وفشله  وخيبته  للفضائيّات  قائلا  ذات  مقابلة:

-أعترف أنّي لم أمتلك الشّجاعة الكافية لتقديم استقالتي..

المسؤوليّة أفقدتني هناءة عيشي واحترام الآخرين.. لقد ضللت طريقي وندمت لأني لم أتفرّغ للعلم والبحث والكتابة  حتّى  لا تكرّر الأجيال اللاّحقة خطأ جيلنا  ؟!..

 

يتنادون في العتمة

كانت تصرخ لا من وجع إنّما من قهر.. لا صراخها توقّف ولا أسباب قهرها زالت.. كانت في غربتها غريبة وسط مجتمع يسأل الناّس فيه بعضهم البعض: أين أنت؟..

و الكلّ ضائع عن نفسه قبل ضياعه عن غيره أو كأنّهم يتنادون في العتمة ولا يملك أحدهم أن يقترب من الآخر أو يسكن إليه..

ربطت علاقة برجل متزوج لفرط وحدتها وعزلتها.. أثمرت العلاقة حملا تردّدت في التّخلّص منه وودّت لو تحتفظ به لتجرّب أمومة حرمت منها بينما رفيقاتها قارب أولادهنّ العشرين..

كانت تحدّث صديقتها الحميمة التي وقفت إلى جانبها ورتبت لها عملية الإجهاض، قالت:

- كأنّ عمليّة الإجهاض تمّت وسط روحي ولم تقع بجسدي؟! ..

 

حالة كلبيّة

سنوات التيه والصبابة كان مارا بحيّ من أحياء العرب في بلاد الضما والغبار والأسئلة، رأى كلبا تحلب لعابه وزاغ بصره وظهر هزاله وهو ينبح نباحا منكرا وقد لوى رقبته ناظرا إلى ذيله الأعوج في حالة كلبيّة يرثى لها، تذكّر أنّه رقّ له وأشفق عليه ووجد في خاطره أن الكلاب أمة والإحسان إليها صدقة فهي ذات كبد رطبة، وكاد يتّصل بجمعيّة الرفق بالحيوان لعلهم يرحموه من ذيله لو لا أنّ أحدهم أعلمه أن الأحياء كثيرة والكلاب على هذه الشاكلة أكثر من أن تعدّ نتيجة تخلّي عدّة جهات عن كلابها بفعل الأزمة الاقتصادية وموجة غلاء الأسعار القديمة الجديدة المتجدّدة فضلا عن أنّ الجمعية أغلقت مقرّها وسرّحت موظفيها بعد أن شحت مواردها وانفضّ عنها النّاشطون المتطوّعون وقد كان في وقت مضى أحدهم..

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1356 الجمعة 26/03/2010)

 

 

في نصوص اليوم