نصوص أدبية

قصص قصيرة جدا: اللباليب المسبلة

فيه من يفتل شواربه، من يتحسس جواربه، من يرقب عقاربه،...

ترنيمة طقطقة أحذية تسبقها العطور تتمادى في المرور.

تستقر أمام الشباك، تحسر عن نواصي كل ما هو فتاك.

تتمطى الأعناق كخيط دخان نحو الجابي المتناثر بين أشداق الشباك.

صاح أولهم:

-الشباك ما قرعته غير الضاربة برجليها، الناقرة كالناقور، والخارقة الحارقة للطابور.

قالت مزدلفة دافعة بكل نفج فيها:

- أنا أنثى، أنثى أنا...

لعلع آخرهم:

- كل واحد منا في هذا الطابور ينوب عن أنثى ما، حتى لا تتوسل أو تتسول بتفردها وتجردها..

 

 

التنين الفاغر فاه

في المطعم الشرقي، انتبذتْ مكانا غير شرقي، تتناول طعامها بتأنق، متلاعبة بعمودين رقيقين من خشب. لما لمحتُها من خلل البهارات المنتشرة في المكان، وصورة التنين الفاغر فاه المتدلي من السقف، فزعتُ نحوها، وقلتُ:

- هل تتذكرينني؟

هزت رأسها علامة النفي وافترّ ثغرها عن ابتسامة سريعة الاضمحلال كفقاقيع مشروب غازي.

 قلتُ وأنا أحدق فيها بتمعن:

- ألا تتذكرين يوم الطابور، عندما زحفت نحو الشباك،و...؟

ولما بدا الاستغراب ساطيا  على محياها، قلتُ بصوت كسير:

 -أنا الصائح، الملوح بيدي ضد الخرق...

قالت مسترجعة نفس الابتسامة السابقة ومشيرة إلى التنين الجاثم فوقها:

- الطوابير كثيرة، والخرق مزن هطلاء، كالحمم النافثة من فم هذا الكائن اللامنقرض.

 

اللباليب المسبلة

في مشهد مثير للخواطر السانحة وسوانح الذاكرة، التقيتُها بلباليبها المسبلة ذات قائظة صيفية على الشط ترصد القرص المتدحرج نحو الأفول. قلت:

- لا تقولي لي هذه المرة انك لا تتذكرينني.

دون أن تعبأ بي، مضتْ تتحدق في المحاق، وتنْكتُ بأصابع قدميها الزبد المراق.

أردفتُ باستجداء:

 ألا تعني لك شيئا "حكاية الطابور" ، و"التنين الفاغر فاه"...؟

قالت زاحفة نحوي تعلوها ابتسامة طفل:

- أجل، من أجمل فراشاتي القصصية التي يأخذ بعضها برقاب بعض مثل "اللباليب المسبلة"

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1368 الخميس 08/04/2010)

 

 

 

 

في نصوص اليوم