نصوص أدبية

بلدي فلسطين، وقصص أخرى

- وجهكِ جميل وابتسامتك خلاَّبة فلماذا تبحثين عن شيء يجملك؟ عفوا هل أنت عراقية؟ فلسطينية؟!..

- كاتبة مهتمة بالشأن العراقي

- تكتبين عن جراحهم؟

-نعم

-أنا جرَّاح ومن السهل أن أمسك بالمشرط والمقصات، ولكن حزن عينيك أربكني، ألا تتفقين معي أن من العيب أن نتعاون على ترف مثل هذا!!

 

مَلويَّةٌ لروح بعيدة!

 كان يوما مختلفا بالنسبة له، لقد عثر على قطعة خشب كانت ملقاة على قارعة الطريق، لذا لم يخرج مع صبيان المحلَّة، تسمَّر أمامها قبل أن يلتقطها جذلا بكنزه الثمين، انزوى بعيدا عن الأزقة، جلس على جرف النهر القريب وهو يتلفت خشية أن يراه أحد، تنفس، أغمض عينيه وهو يستمع إلى بوق سفينة قادمة، أراد أن يلوِّح لمن اعتلى ظهرها، فبدأ يعزف على قيثارته الخرساء، وهو يمرح في دمعة فرحه الصغير..

 بينما راح النهر يرقص على وقع أقدام الدابكين..

 

بلدي فلسطين!

ألف شطائر الشاورما، تأخذني لفائف القصدير إلى مسرح المدرسة حيث كنا نكور القصدير لنحوله إلى حجارة نرمي بها اليهود، تظهر صديقاتي على الخشبة بينما أقف خلف الستار أتلو المواويل والأناشيد الحماسية.. بعد عشرين عاما أقف مجددا خلف ستارة مسرحية الحياة، ألف الشاورما وأدفع بها إلى مهرجان خيري لنصرة الأقصى!

 

رجاء!

في كل مرة تُعلن توبتها بينها وبين نفسها، تظفرُ بها الذكرى، وأنين صدره المكشوف من مسافة بعيدة، فتعود إليه، وهي ترجو بين لذة الحب، ومواثيق النفس:

 قبلة عاشق، ورب غفور!

 

    الأُولى!

إنها الليلة الأولى بدونه، لم تعاتبه على زواجه بالأخرى، اكتفت بحفظ آخر فنيلة نزعها في غرفتها قبل أن يزف لعروسه، لتبكي رائحته بطول العِشرة التي أنكرها ذات صبيانية!

 

بائعة الثلج!

رفض رئيس التحرير مقالته، كتب له ردا مقنعا لكبريائه نوعا ما:

 حين تقرأ عن العراقيين..

 ستشعر بالخجل من مشاكلك البسيطة..

 

رضا نصَّار!

درَّس في 12 ثانوية في بغداد، ثم انتقل إلى طرابلس، ليعمل في إحدى الجامعات الليبية، وأثناء عمله هناك، وصله خبر تهجير عائلته، كما طال أكثر العوائل في المناطق المشتعلة، تردد في السفر إلى بغداد، ولكنه لم يجد سبيلا في أن يقيم مبدئيا، ضريحا لزوجته وأبناءه الثلاثة، في مقبرة الغرباء!

 

فردوس من صمغ مفقود!

في طريقه إلى مبنى الإذاعة، والتلفزيون في بغداد، مرَّ على حديقة مهجورة، أمر السائق أن يتوقف عند سورها المتهالك، لم تكن هناك أشجار، ولا مصابيح، ولا ألعاب، كانت الأرض حصباء، والمزابل هي ما يميز رونقها المفضوح، جلس تحت شجرة هرمة، الشجرة التي كان يجلس تحت ظل أفنانها بصحبة أطفال كانوا يكركرون في برنامج يعرضه التلفزيون كل صباح خميس قبل الحرب..

 

سمسم*

عام ثمانية وأربعين ظفروا ببيتها الكائن في قرية سيرين على مشارف مدينة  الناصرة، كل ما استطاعت أن تأخذه معها هو قارورة سمسم! وبعد ستين عاما أهدته لأحد أحفادها، أغترف قبضة منه، وزع قطنه الأبيض وبث حبات السمسم، سقاها بالماء فنبتت!

 

...............

القصة مستوحاة من الثلاثي العازف جبران

  

بلقيس الملحم/ شاعرة من السعودية

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1372 الاثنين 12/04/2010)

 

 

في نصوص اليوم