نصوص أدبية

عيون...وعيون...ورؤى ...

بخيوط الشّمس

وتحلّها

وأنا في طبقات الثّرى

مع دود الأرضين

أذبّ الملل

أستلهم الرّؤى

متأرجح بأذيال المنى

لعلّها تراني كما أراها

وعسى

هي بين الأكوان والمجرّات

والكواكب والنّجوم

والأفلاك والشّموس

و أنا لست أدري ... أين أنا

ربّما في اليقظة

أو في رمس بين الرّموس

أتسكّع في الأزقّة الخلفيّة

العطنة

أتوه في الشّوارع المكتظّة

القارسة

أهيم في مدن المعادن والزّجاج

الجليديّة – المحمومة

أنا النّكرة بين النّاس

أرنو إليها

وهي هل تعرف من يهواها

من تحت الشّموس

وهل تحسّ كما لي إحساس

فهل تفهم لغة هؤلاء النّاس

الأرضيين

أنا أراها تستحمّ بالضّياء

تغتسل بالنّور

تتزيّن بالحرير

تتحلّى بالياقوت

وأنا شبه المعتقل

أفتقد أحيانا دربي

مهمّش : أضيّع ثوابتي

أحيانا

من قبل أن أمسكها ... تطير

أراني أفتّش في ثنايا أناي

وفي الورى

عن ميثاق الحياة

وحبيبتي الفارهة

في زهوها

أ تلمحني حتّى

من طرف خفيّ

أ تفهم عنّي لغتي

و مفرداتي ومعجمي

ومفاهيمي و فلسفتي

وهي حبيبتي

وأنا من أين لي أن أكون

حبيبها 

ودنيانا لا تني

خافضة ... رافعة

رافعة ... خافضة

دونما اِستحياء

و لا هوادة

وهي تحيا في هيولاها

وسننها ونواميسها

لا تروم مساومة

لا تخضع لمحاباة

أو مهاودة وتملّق

حبيبتي

قومها

قوم مبادئ

وقيم مثلى

وقومي

كيف هم يا ترى

بأي عيون ستراني

ليت شعري

من أيّ منظور

ستستوعب رؤانا

وكوننا كون

ما نرى

على من سينطلي تزويقنا

المفضوح ... المخلوط

ما ذا سأقول

بل أنّى تنطلي عليها

مقالتي

أ تفردني من دون الأنام

أ تجتبيني من تراكمات المغالطات

أ تصطفيني من ترسّبات المهاترات

حبيبتي

 كيف تتّخذني صاحبا

وحبيبا

ليس إلا ّ ...

لأنّني أحبّها

من دون سائر الكائنات

لأنّني أحبّها

لذاتها ...

ليس فحسب

لأوصافها و صفاتها

حبيبتي هي

من أجلها ضحّيت

بكلّ ما لديّ

لو تطلب روحي

أفديها وأفتديها

لو تأمرني

أمرا أطيعها

طاعة النّاسك المتعبّد

لو تنهاني

أنتهي

اِنتهاء المسلم المتهجّد

المجاهد

أ عرفتم من تكون حبيبتي

نعم هي ذي

لا أبتغي دونها

حبيبة

إنّها كلّ الدّنيا

و فوق الدّنيا

إنّها حبيبتي وكفى

حبيبتي ... آآآه ...

لو تستوعبين عنّي

لو تجوبين معي متاهات الحياة

لو تقتحمين معي دوائر الدّنيا

لو تكتشفين معي عوالم الظّلّ

أروقة ... ومغارات ...

وأنفاق ... البشر

وكواليس وبلاطات النّفوذ – البيروقراطيّة

لو تتحسّسين معي بروج الأمراء الخفيّة

وعروش السّلاطين المخفيّة

الموصدة ...المحروسة

بزبانية مرتزقة

حبيبتي ... آآآه

لو كانت أحبّتني ...

أو تحبّني

لتنازلت معي لمدن الأحياء

الأسيرة ... الحسيرة

في معتقلاتها الجماعيّة ...

الموسّعة ...

ورحّبت بدعوة البؤساء

لموائد شظفهم

وأقبلت لترى موائد الأباطرة

المتخمة

 وتلج دهاليز المخابرات

حيث الموت البطيء

 ومختبرات غسيل الأدمغة

حبيبتي ...

بعدما تتمازج  بهذه الشّرائح

ستقول :

  كأنّي بكم في عصور ما قبل الكتابة

وهذه جبال المخطوطات تئطّ

وتلك مواقع الواب تغلي غليان الأتون

و هاتيك الأطباق تكتظّ بها أقطار

السّماوات

 – أما زلتم تُسيلون أنهار الدّماء

 بل أراكم تستكثرون

و تهرقون محيطا من المداد

لأجل جبّار يستبدّ

وتنشئون تجارات عابرات للحدود

للرّقيق الأبيض والأسود

ويبيع البعض بعضا

في أسواق النّخاسة

أما فتئتم تموتون عبثا

من أجل ثغور وهميّة ...

زائلة...

و عالمكم اِستحال قرية

مضيّقة ...

و تتضاغون

والمزن تدرّ ليلا ... نهارا

من فوقكم ومن تحتكم

 ها أنتم هؤلاء تحتكرون أرزاقكم

أو تحرقونها حرقا

أو تدفنونها دفنا

أمّا مصنّعو الفيروسات

يستشري جشعهم

بمآسي حيواتكم

 والأرواح لديكم مهينة

تتساقط كحشرات بالمبيدات

حبيبتي ... آآآه ...

لو ترى كلّ ذلك

قد تقول :

– أين   الفكر الّذي لديكم

والعلم والمدنيّة

بل أين حضارتكم

أ كلّها  " ملهاة – تراجيديّة "

وذرّ رماد على عيونكم الغائمة

والأخرى الجاحظة ...

والأخرى الزّائغة ...

أ ليس هذا ضحك البعض

على أذقان بعضكم

واِمتهان لقدسية الحياة...

والإنسان ...

والخلق أجمعين

***

آآآه ... أيّتها الحبيبة

لو تكتشف وجودنا

أ تهبط معي لدنيانا

أ تهوي معي لجحيمنا

أ تتلوّث معي في خنادقنا ..

و مستنقعاتنا ...

***

 

 حبيبتي ...

أعرفتم من تكون ... ؟؟

أعرفتم من هي ...؟؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1374 الاربعاء 14/04/2010)

 

 

في نصوص اليوم