نصوص أدبية

مرات .. ومرات.. ومرات..

تفكر في قول لا..  لتغيير المنكر..

تفكر في قول لا..  في وجه الظالم..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

تقتنع بتأطيء الرأس..

بالانحناء المجاني..

بالخضوع المتدني..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

تفكر في البكاء..

تفكر في الغضب..

تفكر في المواجهة..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

تشهر أسنانك..

في ابتسامة صفراء..

في ضحكة هوجاء..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

تجدك تتآمر على نفسك..

من أجل الآخرين..

من أجل انتزاع الحقوق..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

لم تنل أي ثناء..

لم تنل أي شكر..

بل يشكرون غيرك..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

تحلم بإنقاذ العالم..

وانتشاله من الانحطاط..

وتطهيره من الحثالات..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

عندما تفيق من الحلم..

تجد نفسك عاجزا..

حتى على حلق ذقنك..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

تفكر في فتح نافذة غرفتك..

والارتماء في الفراغ..

للتخلص من هذا العالم..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

ينتهي تفكيرك الجانح..

إلى كون نافذتك المنقذة..

توجد في الطابق السفلي..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

صفقت بحرارة..

صافحت بمودة..

من لا يستحق بيمناك..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

تود في أعماقك..

أن تبصق بلا توقف..

وتحن إلى الصفع بيسراك..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

غلبك النوم فنمت..

دون أن تنتبه..

أنك لم  تغير ثيابك..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

غلبك جبنك وخوفك..

فغيرت جلدك..

حتى دون حاجة إلى النوم..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

تصاغرت أمام الآخرين..

وتضاءلت في حضرتهم..

لتشعرهم بقيمتهم التافهة..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

أصروا على أن تبقى صغيرا..

إلى الأبد في أعينهم..

رغم أنك أكبر من قاماتهم..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

نزلت لتسبح في البحر ..

وأنت لا تجيد السباحة..

إلا أنك لم تغرق قط..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

غرقت بثيابك فوق اليابسة..

من فرط الخجل..

أمام مجاملة صغيرة..

 

مرات.. ومرات.. ومرات.

كنت مضطرا كعادتك..

لتحمل نفاقهم..

لتقبل دعابتهم..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

تجد مجاملاتهم..

أثقل من دمائهم..

السوداء السخيفة.

 

مرات.. ومرات.. ومرات.

سافرت بعيدا..

وأنت لم تبرح المقهى..

وشاهدت المآثر والساحات..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

لمحت وجوه الدائنين..

هربت عائدا إلى رشدك..

تفكر في من يترصد خطواتك.

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

غمرتك السعادة..

وانتفخت بنشوة..

بسبب كلمة جميلة..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

هجرك النوم ..

وبت ساهرا..

بسبب كلمة رديئة..

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

حاولت إخراج أسرارك..

الدفينة منها والسطحية..

ونشرها في الشمس..

لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

أخرجت ضغائنك..

بسبب سوادها القاتم ..

وحولت نهارك ليلا.

 

مرات.. ومرات.. ومرات..

فكرت في مغادرة الوطن..

بحثا عن وطن بديل..

أقل ظلما وقسوة..

 لكن في النهاية القاتلة..

في النهاية الصادمة..

أدركت أن حربك..

لا توجد بعيدا عن موطنك..

وبقيت هنا إلى الأبد تقاوم.

 

بنعيسى احسينات - المغرب

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1378 الاحد 18/04/2010)

 

 

في نصوص اليوم