نصوص أدبية

طيف الرضوان

يدخل من غسق رياض سلوى وحدتي، ويصمت، آت من سماءٍ لا أعرفها، يحط  قلائد الياسمين على نعش يدي المتأزمَ، دون أن يستغفرني، كأنه يشكلني، زعمَ أنه أمتلك النعمة، والنسمة، وخلق الهوى، وحاله تنسم أميّم النوى، يسوسن العناب وجها لونه كخمرة معتقه، يرمقني عن كثبٍ، في لحظة يرغبني، ولحظة لا يرغب، يا أيها الرضوان أقبل أنني صاهرت قمح رسمك، وقولك: " ليتك تغمرني"

أنثرني سنبلة

ميسمها قد أشرق

يبوح ألف قبلة

وقبلة تشاورت

فأينعت

وخدرت

وأسكرت

يلمسها الجوى

* * *

 

ريحانة وجيدها

فاض رحيق عطرها

فأغرق المدى

وجدتني وقامتي الطويلة

تلمني حصيرة

يفتقها الندى

* * *

 

يزحمني انتظار عطر قمحة

يأسرني

فأشتهي أنفاسها

أريدها

أريدها

أشتم حتى نبضها

أبثها

أبثها الأشواق

كانت منذ أمس مقتم

تسري كما وشيٌ بها قد نمنم

أعلت نداءً حانيا

أبتل فيه عطرها

أنفاسها

أنفاسها

تنوح عمق صدره

وترتوي

آهاتها الحبلى

نعيم عشقه

يا عشقك الميمون

حوّل في غرام دربنا

وابتلي يا أيها المجنون

في جنونا

واصطلي بنارنا

تحنني يا نارنا

وأشفقي

واقبَلي ندائِيَّ المرغم

* * *

 

ليّ الويلات

إن طال دلالها

أهيم جريحا

يأسرني النوى

وأمسي بذات الصد

صد عابها

تخالهُ رقة

وهو قاتل

 

جعفر كمال

[email protected]

 

................................

إيضاح:

في معاني الحسِيّات

وبناء اختلافها

 

بَنَيْتُ هذه القصيدة على جنسين فنين من فصيلة واحدة، متماشياً بها على أساس القبول بقوانين بناء القصيدة الحرة، والتي تأسست على قاعدة قياس الأوزان والتفاعيل المتباعدة حيناً، والمتقاربة في حين آخر، لكنها متلازمة في الجنس، تتعاطى أنفاسها من خلال بوح الاختلاف الانفعالي في انعكاس جمالية صورها الخيالية، وبهذا تجدني بدأت القصيدة وأنهيتها في البناء النثري عبر الحسِيّات الحارة، التي تتمثل في العتاب والحيرة، فوجدت النثر أقرب لمثل هكذا معالجات المؤشرة في المقدمة، ثم دخلت تدريجياُ إلى المسند الموسيقى الذي يتـخذ من الوزن التقريب الرشيق للإيقاع في وسط القصيدة، معتمداً على خفة الكلمة وسلاستها وجمالية رقتها، وتوصيل إحساسها المباح عبر تعدد الألوان التعبيرية، بما يرتئيه الشاعر من مقاربة البث التخيلي، وصعوده إلى أقصى مناداة الفعل العاطفي ومزجها مع الشاعرية ببناء يتجنب الإرباك، والذي يفترض أن يدخل إلى مؤثرات الوجدان الباطني في رهص الخيال وأفعال التعبير، وهذا مؤشر في وحدة القصيدة، المتلازم جدا في بناء المعاني من حيث سلطة الألفاظ. المقرونة بتجانس الشاعرية التي متعت ذاتها بالرسم والتصوير ودقة التوصيل للإيماءة، وصعود النغم المبثوث على جوانب فنية عديدة. وبها تعمدتُ اللعب على أجنحة اللغة، عازفاً على موسيقاها المبثوثة من داخلها إلى خارجها المعلن،

ومنذ أن انتقلت من الشعر الشعبي إلى الفصيح عام 1980 "وأنا شاعر سبعيني" وحتى يومنا هذا وجدتني أتواصل مع هذا الأسلوب، وبهذا داومت على نشر قصائدي في قامات الصحافة العربية، وأنا اتفق تماماً مع رأي الناقد إذا أذن بالاختلاف والتفاعل الأسلوبي على أساس معطيات بناء حرية الحركة في القصيدة الحرة.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1396 الجمعة 07/05/2010)

 

 

في نصوص اليوم