نصوص أدبية

سعف النخيل ..

اقتربنا من واحة ماء حولها نخلات سعفاتها متدلية, تُظلل الهالك الذي المثقل بالهموم تضرعتُ لوجه السماء.. فهطل المطر في غير موعد.. اختبأنا قرب صخور على شكل عرش.. هبت عاصفة, فهاجت حبيبات الرمل.. تناثرت وتطايرت.. تلحفت بوشاح أسود .. حتى مرت العاصفة واستسلمت حبيبات الرمل.. وهبطت على  وجه الصحراء.. شكلت ملامح  لوحة من تجاعيد وخطوط, وألوان  متناسقة  من غير عبث ريشة رسام فقد الإحساس ..

من خلف بقعة في الصحراء اقتربت منا قافلة جمال.. وفاتن الصحراء ملثم بوشاح ابيض.. تجمدت مكاني انبثق من كينونتي المدفونة نخلة يانعة سعفها توهج..  لمعت عيناي.. وعاد نبض قلبي من بعد ثبات دام سنين, تنهدت روحي .. وشردت بأفكاري

برقت عيناه كلون الليل.. وسطعت نجمة داخل بياض العين رمقتني كشهاب.. أصاب وتر روحي.. فضح سري تلون خدودي التي أصبحت بلون الزهر.. وهي التي ذبلت في أيامي الماضيات .. أصابتني رعشة.. بها هلوسة الظمأ !! .. وأكملنا المسير إلى بلد النخيل

بعد ساعات تحت قرص الشمس.. اقتربنا من الوطن.. وفاحت رائحة ثمار النخل.. واخذ حضرة جنابه  يتسلق عنق شجرة ساحرة الجمال تدلت من سعفها ثمرات التمر.. كي يثبت بعض ما يمتلكه من رجولة.. تعثر وسقط ..

ربما لأنني أردت ذلك ..

فرد ريشه كطاووس.. كرر التسلق بالتسلق وأخيرا تفوق على تعثره .. وقطف ثمرات التمر.. قدمها لي بكفيه الخشنة.. رغبت أن أبقى عطشى.. لكني خشيت على أنوثتي من الذبول أكثر فأخذت حبات ثلاث.. الحبة الأولى مضغتها بتلذذ .. والثانية أكلتها عن عطش والثالثة أكلتها نخب  الفاتن الذي تربع على قلبي.. وكان هذيان أخر لعطش وجوع.. وإذا النعاس يغلبني. تقدم من زاوية الحلم رجل أنيق  قدم  لي رسالة :

"إن الفاتن الذي سحر قلبك.. هو هذا الخشن الذي ستحركه حلاوة التمر بفمك.. وهذه شتلة سحريه زرعيها على زاوية قلبه بنظرة وابتسامة ..و.."

..  واستيقظت  على صوت خشن يقول:

- هيا لنكمل المسير تبقى القليل..

وأخيرا وصلنا الوطن بلا مواطن, وعندما قبلت الشمس وجه الصحراء .. نُصبت الخيمة على يد الرجل الخشن.. عندما طلع فجر جديد.. كان في المكان موقد نار.. ورائحة تحميص القهوة.. وتزاوج الحمام على رائحة ممزوجة من فنجان قهوة عربي وثمرات التمر الحلوة.. 

فقس البيض.. وأصبح قبيلة.. ثم قرية.. ثم مدينة.. ثم وطن ومواطن يحمل..

سعف نخيل..  ويقدم  التمر في عيد الاستقلال ..

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1402 الخميس 13/05/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم