نصوص أدبية

مائدة عزاء

هنالك عند نقطة ما من نقاءات القلب المسكونة بالخفقان، أحست شفاء أنها غدت بحاجة ماسة إلى جلسة إستضافة، دعت أمها، لتناول طعام الإفطار الصباحي، ولكن ليس على طريقة جدولها المدرسي المعهود .

الساعة كانت تشير إلى الخامسة صباحا بحسب التوقيت المحلي للولاية، ذلك ما أثار إستغراب أمها، التي كانت غارقة في تصفح أنفاس نومتها، الجامعة  التي تذهب اليها شفاء هي ألأخرى كانت تلتحف بغطاء سريرها، خاصة بعد انقضاء فترة ألإمتحانات النهائية، سااندياكو على عادتها عابقة بزهو العصافير وإطلالات ربيع الحدائق، الصباح كما سجيته، لم يكن نذير شؤم، لذلك أبى أن يصرح بلحظات الوداع، شفاء هذه المرة قررت ان تستفز اوراق الفجر، لتدعو أمها وإياه، لتناول القيمر المحلى بالعسل مع زهوة إبريق من الشاي .  

 لذلك خجلا قالت ألأم لإبنتها، بنيتي لم يحن بعد موعد الأفطار، ماذا أحاط بك لك توجهي دعوتك لي ألآن ؟ ! بيد ان البنت أحست بألم يقتاد ذراعها اليسار صوب فراش النوم، يقتحم أنفاسها، يثقل رأسها، هنالك لم تكن بعد تقوى لإن تسترق السمع لحفيف ورق الشجر ولا لإصوات سيارات ألأسعاف القادمة صوب بيتها .

حاولت أن تنهض من سريرها ثانية، رغبة شديدة للبكاء كانت تدفعها لإن تقول شيئا ما، ترى هل هي اللحظات الأخيرة ؟ فكرت على إستيحاء ان تقول ما يجول بخاطرها، هنا وبصوت مذعور، أعلنت الساعة ما تبقى بحوزتها من خفقان  .

 ترى هل أن الزمن قرر أن يطوي محطة عمرها الخامس و العشرين، أم أنها فقط قررت أن تودع آخر فصل من فصول دراستها الجامعية ؟ هل أنها سترحل بصحبة حقيبة أثوابها الجديدة، أم أنها ستعانق حرير الأرض المغموس برائحة الأشجار؟  أسئلة لا حدود لها راحت تدب في ذهنها قبل حلول موعد صيحتها ألأخيرة،

 هنا بقي عليها أن تقدم طبق إعتذار خالص لدعوة مساءات مفتوحة تُقرعُ فيها طبول زفتها، قبل ان تغادر حدائق ربيعها الذي قرر هو ألآخر أن يخفق مودعا أول خيط من خيوط شمس الصباح القادم، ربما ليكون عربون فراق أبدي ..

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1417 الجمعة 04/06/2010)

 

 

في نصوص اليوم