نصوص أدبية

أوراق قديمة (الخلاص)

خرجت من القلب المعذب بعد إن شغلته جيلا

خرجت بلا ضوضاء ،لم يك ُ بعدها قالا و قيلا

خرجت و قد تركت بقلبي هذه الفوضى التي فد

سببتها منذ يوم دخولها زمنا طويل

كانت بقلبي تفعل الآثام ، تحفر قاعه و تزيل ألوان الهوى

كم كان قبل دخولها فيه جميلا

كم مرة كسرت قناديل المشاعرفيه

حتى صار مثل حواجز الإسمنت في بغداد

صار بما جنت قلبا ثقيلا

كم كان مثل جنينة غناء ليس بها سوى ما تشتهي

وقطوفها أدنى إلى العشاق من إيمائهم

أنهارها عسلا و خمرا زنجبيلا

ويدار فيها الكأس كان مزاجها لهم رقيقا سلسبيلا

هيا اخرجي من قلبي المسكين ، كنت به كأسوأ شاغل

سئتٍ نزيلا

هيا اخرجي علٍي أرمم ما غدى من قسوة فيك حطاما

أو أرى حلا بديلا

من أين أبدأ قد عبثت بهو قد حطمت كل رؤاه لم تبقي فتيلا

إني أرى سكين غدرك  توغل فيه ،لم يكن إلا قتيلا

فكفاك هيا و ارحلي مطرودة و كمثل شيطان خذي معك الذيولا

ما كنت أرغب أن أرى يوما كهذا، غير أن بقائك أضحى خيارا مستحيلا

قري عيونا إن ما حطمته من قلبي المسكينلا يقوى على إصلاحه زمن

ولا يلقى قبولا

يا ضيعة القلب الذي سلمته كالطفل جل مناه مصة حلمة

أو ضمة فيها حنان

كالطفل لم يفهم قساوتك فتاه عن البيان

لم تقتليه؟ أوتقتلي قلبا تثاءب وسط حضنك في أمان

هيا اخرجي منه كما إبليس أخرجه الإله من الجنان

و دعيه يغسل جرحه و  يزيل فوضاك التي خلفتها

ويسد باب الروح في وجه الزمان

لعنت مشاعرك كما لعنت ثمود

كم كنت قد أيقضتها بالحب بالماء البهي و بالورود

كم قد تعبت بهزها

لكنها كانت كعاد أهلكوا وهموا رقود

هل أنت إنسان؟ أإن فؤادك نوعا كأفئدة القرود

لا شيء يفرح قلبك الوثني غير حفيف أوراق النقود

أوتعلمين:

ما نفع وجه أبيض و القلب أسود

ما  نفع قلب بارد كالثلج بل قد كان أبرد

قلب كذاك الربع في الصحراء أجرد

فلتخرجي إني سأوصد باب قلبي

و لقد شبعت من العذاب و ذاك حسبي

و حفرت رمسا بعد إذ كفنت حبي

هذي دروبك في الحياة وذاك دربي

روحي العبي في قلب غيري إنني أنهيت لعبي

هيا اخرجي أنا ليس بي أسف عليك

و غسلت منك يدي ولا زالت دماي على يديك

هيا اخرجي لا شأن لي أرجو لديك

مذمومة ولعينة حتى مماتي

فلقد هتكت القلب أكثر من كثير من عداتي

و استهترت أهواؤك الحمقى و خربتي حياتي

سأراك واقفة بطابور الجناة

خرجت من القلب المعذب دون ضجة

و أراه يمسك قشة و الموج لجة

أما الهوى فلقد ذوى والقلب مجه

و الآن أحسب أنه قد طاف حجه

ما أنت فاعلة وقد أضحى فؤادي من خناجرك حطاما

من ذلك المسكين من بعدي الذي بهواك يشتعل اضطراما

قد كان ياما كان فتكك بالقلوب دما حراما

كفي ألا تخشين من رب العباد

يريك خسفا و انتقاما

هيا اخرجي إني عزمت على اقتلاع جذورك مني تماما

أبغي بذلك أن يرى قلبي و أحلامي سلاما

و سأمحو الذكرى التي ياما تعذبني و ياما

ما كان حبك لي ، دموعك يومها إلا كلاما

هيا اخرجي من قلبي المكسور كالخزف الرقيق

و لقد تشظى يومها قطعا و صار كما الدقيق

ما أنت يا قتّالة العشاق كيف ترين نفسك فاستفيقي

فلقد سفكت دما ء كل أولئك الحمقى الذين هووا بحبك في الحريق

أنا كنت أعلم يومها إني قتلت على يديك

وتركت قلبي سابحا بدم الهوى يوما لديك

و إذا ذُكرت يرف كالعصفور مشتاقا إليك

و لطالما قد غص بالآهات من قلق عليك

ماذا جرى كي تقتليه و دون ذنب قد جناه

وضحكت من أحزانهو سخرت يوما من أساه

إن كان ذنبا قد جناه فذكريه إذا نساه

فلعله ينسى جريمتك عساه

هيا اخرجي إني شطبتك من حسابي

يامن سقيت بحبها كأسا دهاقا من عذابي

أوصدت خلفك كل نافذة بقلبي ، كل باب

و عليك آلاف من اللعنات هيا و اسمعي هذا جوابي

ماذا أرى بك في مخيلتي سوى شبح يقاوم هذه الذكرى لئلا

ينتهي فيها ويذهب

ماذا أرى، شبحا ينادي لا ، أريدك أن تعود لعالمي يوما لنلعب

عودي إلى ماضيك سالبة العقول فلن أقدم مهجتي يوما لتسلب

إني أراك بعالم  ظلماته كالموت غيهبه يعد بألف غيهب

إني أراك كوجه مصاص الدماء سفحت دمي كثيرا

كنت مثل (دراكيولا) كنت أرعب

ماذا أقول لقلبي المفجوع منك و فيك ، هل من بعد ذلك فيك يرغب

عجبا أنا مجنون لا شك بذلك غير أن حنين قلبي للعذاب يكون أعجب

لا تخدعيه بأدمع كدموع تمساح يريد فريسة بل كنت أكذب

إني نفضت يدي من أمر الهوى و مذاهب العشاق فيه وصرت لا أؤمن بمذهب

ووجدت أن خلو قلبي من هواك ألذ من تعذيبه و ألذمن ألمي و أعذب

أنا كنت مخدوعا بما صدقت من خفقات قلبي حين كان فؤادك المغرور يكذب

ماذا أرى فيك سوى شبح يراودني لكي أبكي سنينا ضاع عمري في مجاهلها و عُذب

لا إنني لا أستطيع خذي خيالك و ابعدي عني  فما في صدري الدامي سوى قلب معذب

قد كنت أمهر قاتلات القلب طرا كنت أمكر في أساليب الهوى من أي ثعلب

لُعنت تباريح الهوى و لعنتُ كل العشق لا أسفا عليه وكان لعنك فيه أوجب

أنا يا إلهي في الطريق مشيت أجهل ما يؤول إليه أمري

و كمثل قطاع الطريق  أتت تسد الدرب و انتزعت جهارا كل عمري

ذبحتني مثل الطير كان دمي على سكينها يجري و يجري

لم تكتفي كالشمر داست بعد ذبحي فوق نحري

يا رب هل يرضيك ما فعلت؟ بلا ذنب جنيت و إن فعلتُ فلست أدري

يا رب هاهي من دمي شربت و قالت كأس خمري

قالت كغانية وقد خلعت عذارا نلت ثأري

موتورة أنت ولكن لم يكن بيني و بينك أي وتر

تالله ما أنت سوى أكذوبة قد حاكها زمني ودهري

يا ليتني ما كنت ذاك اليوم أحمل خافقي  في جوف صدري

أسكنتها في القلب كانت في العراء و تحت أمطار الهوى و العصف يزري

أسكنتها في القلب صار لها بلا ثمن و أجر

و عذرت قلبي كان دوما مشفقا حتى على الطير المبلل كان ذلك بعض عذري

و أنشبت أظفارها في القلب ردت  أي معروف بغدر

كيزيد عادل يوم عاشوراء في قتل الحسين بيم بدر

و ظننت أنك تفلتين من العقاب ، خسئت لست أريد أن أقتص منك بهذه الدنيا

هنالك حين تأتي الناس في يوم الحساب هناك ثأري

بوئي بما ارتكبت يداك تحملي بي ألف وزر

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1445 الجمعة 02/07/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم