نصوص أدبية
عراقيان / يحيى السماوي
وللغناء ِ ملامحُ الأنهارْ
أمدُّ جذورَ قلبي فيكِ سيدتي
وفي عينيك ِ أغرسُ ضحكتين ِ
فضحكة ٌ للناس في وطني
وأخرى للذي يشقى وراءَ مساقط ِ الأسوارْ
حبيبتيَ التي علّمتُها ضجرَ المُكوث ِ
وعلّمَتْني مهنة َ الإبحار ِ خلفَ هموم ِ بيت ِ النخل ِ
نحن الحزنُ وحّدَنا
وآلفنا العذابُ زمان َ كان الدمعُ
يُجبى كالضرائب ِ من مآقينا
وكنّا بالجراح ِ نخبّئ الأسرارْ :
يُبشّرُني هواك ِ بجنّة ٍ طينية ِ الأشجار ِ
قبلك ِ كنتُ ضلّيلا ً
وكنتُ موزَّعا ً مابين عاشقة ٍ ومائدة ٍ
وبين ربابة ٍ عبثيّة ِ الأوتارْ
سواقي القلب ِ طافحة ٌ بماء خطيئة ٍ
كالقارْ
يؤرّقني مليسُ الخصر ِ ..
قبلك ِ كان يُشعِـلني ويُطفئني
بساط ٌ دافئٌ ونديمة ٌ حسناءْ
وقبلك ِ كان ليْ وطن ٌ
مساحتهُ سريري
والحدودُ نساءْ
وقبلك ِ كان قرآني ومئذنتي
لهاثُ اللذة ِ السوداءْ
وحين أتيت ِ مثلَ حمامة ٍ بيضاءْ
كسرتُ كؤوس َ مائدتي
وصار سريريَ الأرض التي
يمشي عليها أخوتي الفقراءْ
في وطن ٍ قتيل ِ الماءْ
وأيقظت ِ الزنابقَ في سواقي القلب ِ
صرت ِ على فمي نبعا ً
يفيضُ هوىً
فتعشبُ فوقهُ الأشعارْ
من الأغصان ِ حتى الجذر ِ يا ...
إني أحبُّك ِ
فاصعدي نسَغا ً جديدا ً
واهطلي أمطارْ
على وطن ٍ
تُـشــيِّعُ فيه ِ حقل َ ضفافِها الأنهارْ
عراقيُّ الهوى قلبي
يُحِبُّ الكادحين
ويعشق ُ الأبرارْ
**
وساءلني الفراتُ :
ــ عـشقـتَ ؟
ــ يانهرَ الطفولة ِ قد عشقتُ حبيبة ً
هيَ مثلُ جودِكَ إذْ تجودُ
ومثلُ نخلِكَ ما انحنى لسواكَ
يانهرَ الطفولة ِ إنَّ عاشقتي
تُحِبُّ كما أحِبُّ
وتشتهي مثلي رغيفَ أمان ْ
وطفلا ً مُشـمِسَ العينين ِ
ضحكتهُ دعاءُ أذانْ
وتحلمُ بالذي يأتي مساء ً حاملا ً قمرا ً
وقنديلا ً من الريحان ْ
يانهرَ الطفولة إن َّ عاشقتي
تُحِبُّ كما أحبُّ
وتشتهي مثلي
عراقا ً لا يضمُّ مفارز َ التفتيش ِ
والحَرَسَ الذئابَ
وغابة َ القضبانْ
عراقا ً لا يُضامُ بأرضه ِ الإنسان ْ
**
وتسألني التي في القلب ِ :
ــ سُتردينا أمانينا ..
لنهربَ ..
ــ لا .. فنخلُ عراقِنا أبهى
وأعذبُ ماؤهُ
وترابُه ُ كحلُ العيون ِ
وأهله ُ الخِلّان ْ
فإنّ الحبَّ أجملُ مايكون وأنت ِ في وطني
معي تتوسّدين بيوته الطينية َ الجدرانْ
ـــ وإنْ رفض الطغاة ُ هواك ؟
ــ أعبرُ آخرَ الدنيا
وأحملهُ معي وطنا ً خبيئا ً بين
لحم القلب ِ والأجفانْ
نخط ُّ معا ً على أبواب عالمنا:
عراقيّانْ
عراقيّانْ
نُجِلُّ الأرضَ بعد جلالة ِ الإنسانْ
عراقيانْ
عراقيانْ
نقبّل ُ كلّ أطفال ِ المدائن باسم دجلتنا
وباسم فراته ِ
باسم الجنوب ِ
وباسم كردستانْ
***
13/6/ 1973
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1450 الاربعاء 07/07/2010)