نصوص أدبية

رماد الحورية / حامد خضير الشمري

فضته استفاقت من كهوف الصمت وارتعشت فغشى الناسَ بلبالٌ وأوجس بعضهم خوفا وبعضٌ قد توكأ فوق عكاز ٍ من الأوهام حتى كـَلّ من عـَنـَت ٍ رِهافُ الحسّ مما لـِيكَ في الأشداق من بدع ومن محض افتراء...قالوا، وأرهف سمعـَه العرّافُ : ذي حورية ضلت طريق العوم في الأفلاك فانكفأت لقاع التل تخرج كلما هجع الأنام لترفع للندى أجفانها الولهى وتقبع أينما صهلت خيول الشمس في الأغباش تنثر في المدى القزحي من شرر الحوافر وهجَها المغروسَ في أصص الطيوب . وتشابك اللثغ الرخيم يذوب في لغط العجائز والشيوخ يحثهم ولع الطفولة بالأقاصيص الأثيرة عن بساط الريح والجن الخبيئة في المغاور والكهوف، أو عند أسوار المقابر والخرائب أو رؤوس العاشقين الخائبين الذائبين من الحنين . قالوا وكان الصمتُ أفصحَ أن هذا النحس غرسٌ سحّ سوءُ الأنفس ِ السوداء من دنس ٍ عليه . شتان بين العارف المقموع والعرافِ في استكناه ما دَهَم اللبابَ الجوفَ إلا من رؤى الإيهام والإبهام لكن من ترى يئد الحقيقة أو يدس الحق في رحم الرمال؟ هل كان ذاك الغيثُ دمعَ الصدِّ والتلُّ الفجيعة َوارتعاشُ السدرةِ العذراء عشتارَ الخليقة والزوال؟ قالوا ...وزاد القولُ هولَ الصمتِ في أذن الوجود فكأن ألسنة الورى قطـَعٌ من الفلين تلعق كومة القش المعتق في دنان العَيّ والخرس البليد . قالوا ...وقال بسره : سأخبّ في دلس الهزيع فبنات آوى استنفذت أصواتها قبل الأفول، أما الكلاب فلقمة تكفي لكمّ نباحها المسعور أو إقعائها خلف القطيع،  فمضى وأنصت خلسة لحفيف أجنحة من العطر الشفيف ورأى انفلاق السدرة اللفـّاء حتى حط ّ من أغصانها الإلفان يقطر منهما الضوء الشذي ورآهما متعانقين وأبصراه فتوحدا ومضا وبعد هنيهة ...دوى هدير هواهما . ألذا، ومنذ البدء، كان البرق يستبق الرعود؟

 

 

 

 

 

في نصوص اليوم