نصوص أدبية

سلاماً لبغــــداد / عبد الفتاح المطلبي

إذا غابت الشمس في المطلع

سلاماً لأشجارها الباسقات

و ناس بها حبهم موجعي

و ذكرى ترافقها ذكريات

تمر على القلب  كالمبضع

تضج برأسي إذا الليل جنّ

فتحرق نيرانها مضجعي

فأهرب صوب بحار الهموم

لأنسى فتصرخ في مسمعي

و أعجبُ أي طريق سلكت

أراها بغور و بالتُـــــــــــلّع

و إن سكاكينها مشرعات

تسن ّ و تشحذُ في المنطـع

و مرهفةُ بعضها في الوتين

و بعض ينادي ألا فاقطعي

و نبل بقوس سديد يُشَـــــدّ

وما تركت فيه من منـــــزع

إلى أي صوب أشد الرحال

إذا بئت بالخطر المســـرع

و أيَ الأمرّين أشكو إليك

فراقا أم الصبرَ للمقذ ع

شربت من الصبر حتى ارتويت

و لم أُبقِ من كأسه المترع

وجربت عيش الفراق المرير

فلم أقوَ فيه ولم أنفــــــع

فما ساغ يوما ولما غصصت

ضننت بأنيَ لن أبلــــــــع

و لما شربت القذى بالمرار

لساعات أو يوم أو أسبُـــع

تأكدت أنك ضعت فلم

أبُحْ بهواي ولم أولــــع

و هوم نوم علي عسى

أرى طيف أيامك الضوّع

و لو في الكرى أستميحك عذرا

ففي العين ما كان من مطمعي

سلاما لبغدادَ دار السلام

ففيها تربى و فيها نُعـــــــي

و أي سلام تبقّى لديك

و قد نشبوا فيك كي تفجعي

كؤوس من الذل صُبّت عليك

فهيا اشربي منه بل واكرعي

متى تخلعين قناع البشاعة

رغم امتهانك في الأبشـــع

لقد جوعوك لكي تضرعي

و يبقون جوعك كي تخضعي

و ها أنت ها أنت طوبى لمن

يجوعُ على الرغم مما يعــي

سبية هذا الزمان الرصافة

و الكرخ ما فيه من ممنع

ودجلة غادرت الشاطئين

هروبا من الذل ّ و الهلّع

سلاما لهاتفة في المساء

ألا خبتُ دونكمُ ملفعي

فلم يبق من هاجس في الضمير

ولم يبق من شرف مودع.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1460 السبت 17/07/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم