نصوص أدبية

صلوات في محراب الحرف / الحبيب الشّطّي

لذّة سحرك تنعش

ذبول الذّات... والرّوح

تعيد الأفكار من أدغال الاِغتراب

إلى مجراها

زرعت قفاري

واحات نخيل

غرست أراض بورا

غروس زيتون

بذرت حقول الملح

مروج قمح

ورياض ليلك وسوسن

رصّعت لياليّ

ثريّات مؤتلقة

***

 

أنت يا حرف ...

كلّ الأنبياء اِستوحوك

ترانيم... مزامير... زبورا ...

ألواحا ... إنجيلا... آيات ...

حفرك جدّي

على خدّ الحجر

فسجّل ميلاد التّاريخ

اِرتحل عبر الأزمنة

ليحيط بك في مواقع

الشّبكات

ولا تزال سيرورته

آمادا (اِستشرافيّة)

أنت زاد (الإنسان)

وكنوزه التي لا تبلى

ما دامت [حداثة]

***

 

كلّما اَزداد توغّلي

في أغوار الحرف

اِزداد إدراكي

بضحالة معجمي

في قحط الفيافي

مهما أبحرت مع الحرف

غوصا

لن أدرك أعماق الدّرّ واللآ لئ

لا أجد سوى حوته يبتلعني

يلفظني عاريا

إذا ما تجاوز اَختراقي

لجدار الحرف

فلا أزداد إلاّ تيها في سدمه

أعلم تفاهة أشيائي ...

وأشلائي

***

 

إذا ما رمت اَطّلاعا على جوامع الحرف

أكتشف أنّ محاريبه

أقدس من آفاق تبتّلي

شرائعه أجلّ من كلّ عباداتي

صلواتي ساهية عن الخشوع

كلّما تماديت ولوجا

في حياة الحرف

أزداد علما...

أنّ له أطوار أعمق

لن أطولها

أنّ دربي للخلود

لا يزال هشّا

أنّ أريجه أعبق

من عطونة سخافاتي

أنّي أتجاسر على نور

يعشي بصري

كلّما يمّمت حجّا

شطر الحرف ...

اِزداد يقيني أنّ قبلته

ضاعت منّي في متاهة

خلّب غروري

تاهت عنّي في صلف

غبائي

أنّ أوثاني تدنّس كعبته

أنّه لا تزال دروب

أزمنة ... وأجيال ...

حتّى أدرك (مقام) الحرف

حتّى أشهد (مشارق) الحرف

فما زالت طفولتي

(غروبا) أغبش

***

 

إذا ما اَزددت تعبّدا

في ملكوت الحرف

أعي أنّي ما أدّيت ... ما وفّيت

فضائله على كينونتي

حقّه على جلاء بصيرتي

(والنور المقذوف في صدري)*

أعلم أنّ مغالقه لن تفكّ

إلاّ بشفرة من (إلهام)

وسلطان من (وحي)

أو كتاب مرقوم من (تنزيل)

كلّما أمعنت (عروجا لسدرة) الحرف

اِستيقنت ضآلة إدراكي

***

 

كواكبه تكاد تنفجر نيازك

تحرقني بخطيئة جهلي

والدّهماء تشفطني يرقة

لا أزال (نقطة) ماء محيطه

جملا علق بسمّ خياط

صبيّا لا يزال يلثغ

في مجاهل المعرفة

***

 

أين منّي (الكلمة)...؟

إذا كان هذا شأني

معك أيها الحرف...!؟

فلولا خشيتي الإشراك

لسجدت لقدسيتك

لشهدت أن لا عبادة

إلاّ للحرف...!؟

أليست الكلمة (روح من الله)...!؟

والنّبوؤات ما بشّرت

سوى (بجنّة الحرف ... )!؟

 

الحبيب الشّطّي : مساكن – تونس

18 / 07 / 2010

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1468 الاحد 25/07/2010)

 

 

في نصوص اليوم