نصوص أدبية

صاحبتُ محموداً / عبد الستار نورعلي

 

مذْ كانَ يجمعُنا العراقُ بحضنِهِ

حتى ابتُليْتُ عن العراقِ رحيلا

 

كانَ القصيدُ شرابَنا ونديمَنا

نتبادلُ .. الترتيلَ ، والتأويلا

 

ونشيدُنا حلوُ الرويِّ نصوغُهُ

وَرداً ، يُزيِّنُ جَمْعَـنا ، إكليلا

 

وحديثُنا كانَ التوهّجُ صِرفَهُ

فنُذيقُهُ التوقيرَ ، والتبجيلا

*  *  *

 

عاشرْتُ محموداً وقد كرُمَتْ بهِ

سُـحبُ المحبةِ ظِلّةً ، وهطولا

 

سَمِحُ الخلائقِ نهرُ طيبٍ رائقٌ

ينسابُ بينَ العالمينَ ، فصولا

 

فيهِ الشهامةُ شيمةٌ مطبوعةٌ

لا منّةً  ترعى ، ولا تمثيلا

 

ورحابُ نفسٍ بالمحبةِ تغتني

تسعُ الخلائقَ مُفرداً ، وقبيلا

 

بعُدتْ بنا البلدانُ  ، إلا أنّـنا

قلبٌ يحطُّ على الفراتِ نزيلا

*  *  *

 

ياابنَ المَشاهدِ والمَشاهدُ سيرةٌ *

فرشَتْ دروبَ السائرينَ فحولا

 

بعقيدةٍ وعزيمةٍ ، ومروءةٍ

وبجيرةٍ ردَّ الجميلَ جميلا

 

عرفَتْ مواطنُكَ الشجاعةَ حِرفةً

وعرفْتُ فيكَ ، ربيبَها المجبولا

 

قلبٌ يُصاغُ الدرُّ في أحشائهِ

كالصخرِ يصلُبُ ثابتاً ، وثقيلا

 

ولسانُكَ الحقُّ الذي لايرتضي

في سـيفِهِ الإبطاءَ والتبديلا

*  *  *  *

 

يا مَنْ يُعانقني هواهُ  عليلا

شعري يُصاغُ قلادةً وأصيلا

 

لا تعتبوا، ما كانَ ذكري صاحبي

زُلفى ، ولا كانَ الكلامُ ذليـلا

 

هي ثورةُ الإحساسِ قيدُ حصارها

عنها يُفَـكُّ ، فتسـتحيلُ هديلا

 

ما كلُّ ذكرٍ رايةً مشـبوهةً

في ظلِّ كسبٍ ترفعُ الانجيلا

 

هي نبضةٌ تعلو بحلو غنائها

في خير خِلٍّ ، هلّلتْ تهليلا

*  *  *

 

ياصاحبي، همّي يحِلُّ ثقيلا

يغزو فؤادي بكرةً ، وأصيلا

 

وطني تقاذفَهُ الرياحُ فمَشْرِقٌ

جارٌ ويحملُ في الصدورِ غليلا

 

نزعاتُهُ غدرٌ فما هدأتْ لهُ

يوماً قناةٌ كي نكونَ ذيولا

 

هدَّ الذئابَ الضارياتِ نواهشاً

فتناوشتْنا أنفساً ، وحقولا

 

والغربُ ماانفكّتْ سنابكُ خيلهِ

تطأ البلادَ هضابَها  وسهولا

 

وتُغِيرُ لا منْ رادعٍ تخشى لهُ

بأساً ولا مِنْ سارجينَ خيولا

 

حتامَ سائبةً تصولُ فلولُها

فتُحيلُ شعبي مُقعَداً وقتيلا؟

ياابنَ العراقِ وفي العراقِ أكارمٌ

أشدو  بذكرهُمُ هوىً موصولا

 

هذي شكاةٌ تستضيفُ مواجعاً

منْ صادقٍ حفظَ العهودَ طويلا

 

أنا ما هجرْتُ الدارَ منْ بَطَرٍ ولا

منْ باحثٍ  نِـعَمَ الغريبِ كليلا

 

لكنَّها  الأقدارُ قد كُتِبَتْ لنا

بنصالِ قهرٍ يستبيحُ أصيلا

 

ضاقتْ بنا الآفاقُ ما فتحَتْ لنا

باباً يُطلُّ على النسيمِ بليلا

 

يا ابنَ الكتابِ وهل أَحَبُّ منَ الذي

حفظَ الكتابَ ، هدايةً ، وأصولا ؟!

 

بغدادُ لا ترضى يقودُ خيولَها

غيرُ الأبـاةِ ، فوارساً ، ودليلا

 

غيرُ اليدِ البيضاءِ مُشْرقةً بما

كرُمَتْ ضفافُ الرافدينِ نخيلا

 

لا ما تكرمّتِ العواصمُ ، غِيلـةً

حتى تكونَ على العراقِ وكيلا

 

.......................

* المَشاهِد: المقصود (المَشاهدة) في الحالتين، الأولى منطقة المَشاهدة وهي (الطارمية) التي ينحدر منها الدكتور محمود المشهداني، والثانية (المشاهدة) جمع بالعراقية مفرده (المشهداني) وهم سكان المنطقة، وقد حُذِفَتْ التاء في الحالتين للضرورة الشعرية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1468 الاحد 25/07/2010)

 

 

في نصوص اليوم