نصوص أدبية

منفصلان / ماجد مطرود

لكنّي حالكٌ مثل ليلٍ غرابيّ، الان ,ودَمي لا يشبهُ القمَر.

 

عينايَ صغيرتان، بهما قلّبتُ شقيقي

لمحتَه ُ يلوكُ يديهِ،

قدَميهِ،

يلوكُ ما تبقى من أيّامِه التي تسيلُ من شدقيهِ

يلوكُ جثَّته ُ كلَّها،

كحرب ٍ تأكلُ نفسَها

 

فجأةً، بكلِّ ما لديهِ من خيل ٍ مُذهّبةٍ ،

وأبقار ٍ هائجة،

أطبقَ الظلامُ فكّيه

سمعتُ تكسُّر عظام ٍ، يشبهُ هسيس النّار في الأضلاع

الأضلاعُ تلتمُّ حولَ أنفاسها

من كوَّة ٍ في اليدِ أرصدَهُ،

جسدًا مُقطّعًا يتكوّمُ،

كأنّهُ جسدي

ومن كوَّة ٍ في القلبِ،

أرسل قاربَ النّجاةِ على جنحِ حمامة ٍ فقَدتْ هديلَها

كانَ لهديلِها، دمعة تشبهُ الطّوفان في نوحه الأخير

كأنَ لنوح الجسد لطمة العزاء،

وللعزاء مرارةُ الغيابِ

وللغياب حمّى الألم.

 

كنتُ وحيدًا بعينين صغيرتينِ كثقبين،

وحيدًا..

دونما جسدي

كنتُ أرصدهُ

من فجوَة ٍ يزداد اتساعُها دائمًا

ومن ثقب ٍ أُوسّعه ُ، بالقلبِ،

فأرى ألوانًا تشبهُ ألوان الطّيف ِ، بانفجارها النّيساني

ربّما أكثر وضوحًا من عِرْق ٍ يتنفّسُ الظلامَ،

فينشطرُ

في كلِّ أرض ٍ ظلام

نخلاته كأنّها صراصير

تتوالدُ من ذاتِها،

وتموتُ في ذاتِ كافكا

دوائر ،

مُثلَّثات ٌ ،

قواطِع ٌ ،

سلالات ..

أيُّ هلام ٍ أنت يا عِرْقي ؟

أيُّ ظلام ٍ فيك ؟

 

"ادخلوا مِنَ البابِ الضِّيقِ" قالَ المسيح

كلّما تعدّدت ِ الأبواب،

كلّما اتَّسعتْ

ضاع َ الطّريق

ما للبابِ سوى يُفتَحُ أو يُغلَق ُ،

بالحربِ

أو بغيرِها.

 

 إذاً..

لِنتّحد كلانا من أجلِ بابٍ مشترك

هي حكمةٌ، ربّما فيها خطوات لا تؤدِّي

لكن .. ماذا نفعلُ ؟

منذُ كنّا ..

حيمَنا ً،

قطرَة ً،

بخارًا،

يَشُمُّ رائحة َ الاندلاق

كانت الباب حكمتنا الوحيدة،

أنكفرُ بها الآن ؟

أتريدُ هكذا يا شقيقي،

من أجلِ طرقة ٍ،

ربّما لا تفتحُ شيئًا.

 

دعْني أ ُكمِلُ ما سيأتي قلت ُ

لكنّك لمْ تدعني،

جئتَني صارخًا

ـ اشطبْ أنتَ ما قدْ مضى،

نحنُ منفصلان.

 

هكذا أنتَ رأيت، أغلقتَ أ ُذنيك، عينيك، منخريك

أغلقتَ كلّ شيءٍ، حين سمعتني أحدِّثك، عن بابِنا المشترك

نحنُ منفصلانِ بلا خجلٍ، هكذا قلتَ،

كلانا يشبهُ اللّيّل.

 

دعْني أ ُريكَ فكّين

أفزعني ظلامُهما

وبقوّةِ الخيلِ المذهّبةِ،

بقوّةِ الأبقارِ الهائجةِ

كان انطباقهما

دعْني أ ُسمِعُك َ هسيسَ النّار في الأضلاع

ماذا بعدُ يا شقيقي ؟

ماذا عن دَم ٍ

لا يشبهُ القمَر

رغم الصّفاء المُطلق في العيون ِ ،

والدّهشة المُبصرة.

 

من مجموعة الطوفان في نوحه الاخير

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1484 الاربعاء 11/08/2010)

 

في نصوص اليوم