نصوص أدبية

الحرز

-  بسم الله الرحمن الرحيم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم . .

وفي طريقها المعتاد نحو الجامعة، كانت تحمل شنطتها على كتفها، وبعضا من السجلات في يدها، وهي تمشي بخطى وئيدة، فيما تطايرت من خلفها خصلات شعرها الكستنائي، لم تكن تلحظ شيئا حولها سوى استرجاع ما حفظتها إياه صديقتها المسلمة يوم أمس، وأثناء انهماكها في إكمال الآية التي جعلتها طلسما يقيها شر الموبقات قالت بهمس :

 -  له ما في السماوات وما في الأرض . .

 أوف تراني نسيتها يا رب؟ . اه تذكرتها الآن .

-  له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه . .

أثناء جلوسه في الحافلة، جلست بقربه امرأة متلفعة بعباءتها، خفق قلبه بشده، تذكر وصية أمه بما يجب عليه قراءته قبيل ذهابه للمدرسة، كيف نسيت ذلك؟ . أخذ يرددها في سره ولثوان وصل صوته للسائق وكأنه يذكر كل الراكبين بها .

- يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء . .

في مكتبه الوثير وعلى كرسيه الجلدي الدوار، ثمة أوراق أمامه، طفق يقلبها، تشتت ذهنه في أمور لا تكاد  تفارقه بداية كل صباح، ماذا لو جاءته قذيفة  من هذه النافذة المشرعة الآن؟ قام وأغلقها، رجع لكرسيه، ماذا لو دهموا عليه مكتبه؟ وواحد في منصبه يعد لهم صيد ثمين . هل أقوم وأقفل الباب ؟ . ومن ينقذني إذا ما اقتحمتنا شاحنة مفخخة؟ لعلها تطيح بمبنى الوزارة عن بكرة أبيه؟ نظر لصفحة الحائط، تتوسطه آية قرآنية كريمة مؤطرة بمستطيل نحاسي مزخرف، حروفها المذهبة سهلة القراءة . ما الضير من قراءتها الآن؟ شرع يقرأها بسره، ومع طرق الباب على مكتبه ارتفع صوته في وجل وهو يقول:

- وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم .

صدق الله العظيم .

في ذلك اليوم . . أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة عن نجاح القوات الأمنية في السيطرة على الوضع الأمني في البلاد وعدم وجود أية حالة خرق أو ضحايا أبرياء .

 

يوسف هداي الشمري   

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1497 الخميس 26/08/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم