نصوص أدبية

رائِحَـة الـكَـمُّونْ..!

واللائي وَضَعْـنَ حَمْلَهُنّ

لم يكُنِ العطارُ سوى دابةٍ تحملُ أسْمالها كلَّ يومٍ ولا تعودُ إلاّ بالضَّرائبْ

 

كم تتشابهُ وجوهَ جيوبهِمْ

مثلَ عرباتٍ مليئةً بالقحطْ

وبعضِ دَبَقٍ مِنَ الفقر

بينما المُتجولُ الذي نامَ ثُـلثَ يومِه عند بابِ الله

أمْطرَه الحزنُ بالخيبة

فــبُحَّ صوتُ ندائِه والأمل

حيث لا مشترٍللفقر

الوجوهُ يلونها الجوع كــالطَّيف

ويقرض نصف يومها بالخوف

 

على عتباتِ صَومِنا الأبديّ

كُنّا نوقدُ الشَّمسَ من لحومِنا خوفَ أنْ تَغربْ

كنَّا نمسحُ بَــساطير القادمين

كانوا يدعكون وجه الشيطان فيغسلون وجوههم بلعابه

يرفعون أكفَّهمْ بالقرابينِ الملطخةِ بسُخامِ وجوههم

ويشربونَ نَــخْــبَ موتِـنا الأكيد

 

كنا نَــتَــصَـدَّقُ بــوجوهِنا على المارَّة  كي نَـدْفُـنَ اللَّحمَ بالمقابرْ

كي تشبعَ الديدانُ القادمةُ من الحدودْ

هكذا مات أبوك واخوك وعامل النظافة المُتَّسِخُ بالنَّظافة

هكذا مات يومُك مصلوباً على جذعِ نَـخلة

 

بينما السوقُ تجهضُ فقرَها المُطْـلق

 أنت ما زلتَ تتقيءُ جُـوعَ فَــمِــك

تُـدْركُ جيداً أنَّ التُّـرابَ ليس وليمةٌ كي تشبع

ليس وليمةٌ للجرذانِ مِنْ فَـصيلتك ..

بَلْ ليسَ صحياً لـــتَسُفَّ مِنْه

نِصفُهُ مُـلْـتاثٌ بــلوكيميا الوطنْ

ونصفُه الآخرُ شفراتٌ لتعبيدِ حِبالكَ الصَّوتية

التراب – هو الآخر -  جائعٌ مثلك مثلُ  أبيك

هو الآخرُ ماتَ متخوماً بالفقر

 

يا أنتَ .. يا أيُّها الكمُّون

يا رائحةَ المُرضِعاتِ واللاّئِي لَـمْ يَضَعْـنَ حَـمْـلَـهُـنّ

لَـمْ تُجِسَّ أطرافَكَ الباردة

ولا بالورقةِ المُلصَقـةِ على صدر دُكَّانِـك

مَا هُو إلاّ جُـرذُ ليلٍ

 ماتَ بـجُـرعةِ فقرٍ زائدة .

 

20-9-2007

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1500 الاحد 29/08/2010)

 

 

في نصوص اليوم