نصوص أدبية

غبتُ في غابةٍ

لستُ في حاجةٍ لنوركِ إني

قد كفاني يا شمسُ نورُ حبيبي

وانتظرتُ الحبيبَ في جنبِ جِبًّ*

غامرٍ ظلُّه ،

من الخرّوبِ

وصخورٍ قوائمٍ  كشيوخٍ

في صلاةِ المغيبِ خلفَ خطيبِ

وأطلّتْ طلائعُ الريحِ تتلو

فَصْلَ شوقٍ ملفّعٍ بالهبوبِ

قلتُ للرّيح :

خَفِّفي من عناءٍ

والزَمي الصمتَ

في ثنايا الدروبِ

فحبيبي يجيءُ ينفحُ عطراً

فإذا جاء فائذني بالهبوبِ

وإذا بالغيوم تزحفُ فوقي

كامداتٍ كمثل وجهٍ غضوبِ

قلتُ :

يا غيمُ لا أريدُ غيوثاً

تزرعُ الخصبَ في ربوعِ السّهوبِ

إنّ وجهَ الحبيبِ مثلُ ربيعٍ

وكفاني وجهُ الحبيبِ الخصيبِ

فإذا بالطيورِ تهزجُ فوقي

قلتُ يا ذي :

كُفّي عن التطريبِ

فحبيبي صَدَى خُطاهُ غناءٌ

إذ يدوسُ الحَصَى بخطوٍ طروبِ

ثم إني أشعلتُ في الليل ناراً

في غُثاءٍ ولم أكنْ برَغُوبِ

ثم أطفأتُها وقلتُ كفاني

ما بقلبي من حُرقةٍ ولهيبِ

وانتظرتُ الحبيبَ ،

طالَ انتظاري ،

ما أتاني ،

 وصرتُ مثلَ الغريبِ

 جالسٌ في الظلامِ أشكو انفرادي

وفؤادي مسارعٌ في الوجيبِ

والهدوءُ المحيطُ بي مثلُ بحرٍ

صامتِ الموجِ في سكونٍ رهيبِ

لا غيومٌ ،

لا نأمةٌ من طيورٍ ،

لا نسيمٌ في عِطْفِ غُصْنٍ رطيبِ

رحتُ أشكو،

وما صَغَا لشكاتي

غيرُ صخرٍ أصمَّ ،

مثلي كئيبِ

قلتُ للشمس بالتماسٍ :

تعالي !

وارجعي لي !

أرجوكِ ألاّ تغيبي

ولريحِ الشمالِ هُبّي فإني

لا أبالي إنْ تأذني بالهبوبِ

ولغيمِ السماءِ هاتِ غيوثاً

زخَّةً زخَّةً كما الشؤبوبِ

ولطيرِ الهجوعِ يكفي هجوعٌ

ذبتُ شوقاً يا طيرُ للتطريب

ثم إني أوقدتُ في الليلِ ناراً

أخمدتْ ما بخاطري من لهيبِ

وانتظرتُ الصباحَ والفجرُ يجلو

نورَهُ من وراءِ أفقٍ رحيبِ

ورأيتُ الصباحُ خلفَ وشاحٍ

وانجلى نورُ وجهِهِ عن قريبِ

فاذا بالصباحِ لم يكُ صُبْحاً

إنما النورُ كانَ نورَ حبيبي

 

ــــــــ

*الجِبّ بكسر الجيم شُجيرة متشابكة

الأغصان ملتفة قريبة من الأرض .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1500 الاحد 29/08/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم