نصوص أدبية

عشر قصائد

نهري إليك يجري

أيها البحر الأزرق، فهل سترحب بي؟

نهري ينتظر جواباً.

أه! أيها البحر، أنظر بعين العطف.

إليك سوف أسوق الجداول

من الزوايا المرقطة

ما قولك أيها البحر،

خذني!

 

القصيدة الثانية: أصغر الأنهار

أصغر الأنهار – تخضع لواحد من البحار.

يا قزويني — أنت.

 

القصيدة الثالثة: ليالٍ جامحة!

ليالٍ جامحة! ليالٍ جامحة!

لو كنت معك،

لكان ينبغي أن تكون الليالي الجامحة

ترفنا!

لا جدوى من الرياح

لقلب في الميناء، –

انتهى من البوصلة،

انتهى من الخريطة!

التجديف في عدن!

آه! البحر!

لكم أود لو أن أرسو

هذه الليلة فيك!

 

القصيدة الرابعة: رسالتي إلى العالم

هذه هي رسالتي إلى العالم،

الذي لم يكتب إليّ أبداً،

الأخبار البسيطة التي تحدثت الطبيعة عنها،

بعظمةٍ رقيقة

 

رسالتها كُتِبَت

بيدين لا استطيع رؤيتهما؛

استحلفكم بحبها، يا أبناء بلدي

ترفقوا في الحكم عليّ !

 

القصيدة الخامسة: مت من أجل الجمال

مت من أجل الجمال ولكن لم أكد

أُوضع في القبر،

حتى كان رجل مات من أجل الحقيقة قد ألقيَ

في غرفة مجاورة.

سأل بهدوء لم فشلت؟

فأجبت: “من أجل الجمال”

فقال: “وأنا من أجل الحقيقة ، وهما شيء واحد؛

ونحن اخوة.”

وهكذا، اجتمعنا كما يجتمع الأقرباء في ليلة،

تحدثنا ما بين الغرفتين،

حتى وصل الطحلب إلى شفاهنا،

وغطّى أسماءنا.

 

القصيدة السادسة: يا قلب ، لسوف ننساه!

يا قلب، لسوف ننساه!

أنت وأنا، هذه الليلة!

يمكنك أن تنسى الدفء الذي منحه،

وأنا سوف أنسى الضوء.

 

وحين تنتهي من ذلك، أتوسل إليك أن تبلغني

حتى أقوم بتعتيم أفكاري؛

هيّا! لئلا ،بينما أنت تتلكأ،

أتذكره!

 

القصيدة السابعة: تعالي يا جنة عدن!

ببطء، تعالي يا جنة عدن!

شفاه غير معتادة عليك،

خجولة، ترشف ياسمينك،

مثل النحلة المغمى عليها،

 

إذ تتأخر في الوصول إلى زهرتها،

تدندن حول حجرتها،

تحسِب ما لديها من رحيق – تدخل،

وتضيع في العبق!

 

القصيدة الثامنة: أقدام جديدة تطأ حديقتي

أقدام جديدة تطأ حديقتي

أنامل جديدة تحرك التراب والعشب،

مغن شاعر فوق شجرة الدردار

يكشف عن العزلة.

 

أطفال جدد يلعبون فوق العشب الأخضر،

ونوم مرهق جديد تحته؛

وما يزال الربيع المستغرق في تأملاته يعود،

وكذلك الثلج بمواعيده الدقيقة!

 

القصيدة التاسعة: زهرة قطبية ضئيلة

لكأنما زهرة قطبية ضئيلة

على حافة القطب الشمالي،

راحت تتجول عبر خطوط العرض،

حتى أتت وقد اعتراها الذهول

إلى قارات الصيف،

إلى سماوات من الشمس،

إلى حشود غريبة من الزهور المشرقة،

وطيور بلسان أعجمي!

أقول، لكأنما تلك الزهرة الضئيلة

قد تجولت في جنة عدن –

ماذا بعد؟ لا شيء، إلا

ما تفهمونه من كل ذلك!

 

القصيدة العاشرة: وثبت الزهرة فوق خدها

وثبت الزهرة فوق خدها،

ارتفع صدر فستانها وهوى،

كلامها الجميل، مثل السكارى،

ترنح المسكين.

 أصابعها ارتبكت في عملها –

 تسمرت إبرتها؛

ما الذي أَلَمّ بفتاة ذكية مثلها

هذا ما تشوقت لمعرفته،

 

إلى أن لمحتُ في الجهة المقابلة خداً

يحمل وردة أخرى؛

في الجهة المقابلة تماما، وكلام آخر

يمشي مشية السكارى؛

 

ورقصت سترة مثل صدر الفستان

على أنغام اللحن الخلد، –

إلى أن أصبحت هاتان الساعتان الضئيلتان المضطربتان

تدقان معاً برفق في وقت واحد.

 

ترجمة نزار سرطاوي

 

............................

* ولدت الشاعرة الأمريكية إميلي ديكنسون (1830 – 1886) في ولاية مساشوستس لأسرة ناجحة واسعة العلاقات. ومع ذلك قضت الشاعرة حياتها في عزلة. فقد امتنعت عن تبادل التحية مع الآخرين، ومالت في أواخر أيام حياتها إلى المكوث في غرفتها.

كان معلوماً لدى معارف إميلي أنها تكتب الشعر. ومع أنها كتبت ما يقارب 1800 قصيدة إلا أن ما تم نشره في حياتها لا يزيد عن أصابع اليدين. وبعد وفاتها اكتشفت شقيقتها الصغرى لافينيا ما كان لديها من قصائد، فاشتهر أمرها. وقد ظهر أول ديوان لها عام 1890. وفي عام 1955 طبعت أعمالها الشعرية الكاملة.

ومع أن العديد من النقاد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لم يعطوها حقها، بل نظروا إلى شعرها بشيء من الفتور، إلا أنها الآن أصبحت توضع في مصاف كبار الشعراء الأمريكيين.

كانت إميلي ديكنسون شاعرة متقدة الأحاسيس. ولعل ذلك قد برز في شعرها كما في حياتها. كتبت ذات مرة عن حياتها: “أجد نشوة في العيش، فمجرد الإحساس بالعيش فيه ما يكفي من الفرح.” وقد أضفى ذلك على شعرها خاصية الدرامية الحادة. والمعروف أن الشاعرة جربت أشكالاً شعرية جديدة كان لها تأثيرها الواضح في الشعر الحديث.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1501 الاثنين 30/08/2010)

 

 

في نصوص اليوم