نصوص أدبية

إنتحار بالوهم

أثقَلَتْ قلبي بِطَلٍّ ومَطَر

وليالٍ كَمْ أعاني طولَها

حينَ منها غابَ نادٍ وسَمَر

أنظرُ الأفقَ بعيداً عَلّني

ألمحُ النورَ بفجرٍ مُنْتَظَر

لم أعدْ أشربُ كأسي مثلَما

كنتُ أحسوها بماضٍ قد عَبَر

وغنائي ماتَ في صدري فلا

أرتجي منه ابتهاجاً بالوتر

بُحَّ صوتُ النايِ في حنجرتي

فكأنّي قد رَمَى صوتي حجر

وندائي في البراري قد غدا

مثلَ مَحْوٍ ما لهُ أيُّ أثر

وأمامي في المدى لا يُرْتَجَى

منه ما قد كانَ جَلْواً للنّظَر

صَوَّحَ الروضُ وأضحى زهرُه

يابساً والعطرُ أضناهُ السفر

وكرومُ اللوزِ أضْحَتْ حَطَباً

لم يعدْ في ليلها يحلو السّهَر

وفؤادي لم يعدْ يأبهُ لي

ويحَهُ ! بي وبحبّي قد كفر

وأنا هاجرتُ من ذاتي فمَنْ

راءَ شخصاً ذاتَهُ قبلي هَجَر ؟!

وأنا إنْ لم أكُنْ لي مُسْعِفاً

لا يكنْ لي مسعفٌ بينَ البشر

بتُّ أشكو وحدتي في رحلتي

في متاهٍ حاطهُ موجُ الضّجَر

زورقي أوْهَى شراعي ولقد

مزَّقَتهُ بي أعاصيرُ القَدَر

نظرتي للشاطىءِ القاصي غَدَتْ

نظرةَ اليائسِ من حُلْمٍ غَبَر

وَطَرٌ خابَ وما فيه سوى

أسَفٍ من نأيِ ذيّاكَ الوَطَر

وهو وَهْمُ لا أرى فيه سوى

كلِّ ما فيه خداعٌ للبَصَر

وأنا ما كنتُ إلآ واهماً

وأرى وَهْمِيَ بالوَهْمِ انتحر !!

ــــــ

صَوَّحَ : يَبِسَ .

راءَ : لغة في رأى .

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1086  الاثنين 22/06/2009)

 

 

في نصوص اليوم