نصوص أدبية

من سونيتات إلى أورفيـوس

عقله منشطـر. عند تقاطع طريقيْ قلبٍ

لا ينتصب لأبولو معبد هنـاك.

 

إنَّ أغنيـةً، مثلَ التي تُـعَلِّـمُـها، ليست وَطَـراً،

ليستْ مُساوَمـةً لنيْـل شيء في النهاية ؛ 

الأغنيـة وجـود، سهـلةٌ للربّ.

ولكن متى نحن موجودون؟ ومتى يُـوجِّـه

 

الأرضَ والنّجـومَ على وجودنـا؟

إنّها ليس عندما تُحِـبّ ُ، أيّها الفتى، ولـوْ أنَّ

صوتك أرغمَ فاكَ على فتـحه، - تعلّمْ

 

أنْ تنسى أنّك رفعتَ عقيرتَك بالغناء. هذا يزول.

في الغناء الصّـادق يوجـَدُ نَفَسٌ آخَـرُ.

نَفَسٌ على لا شيءَ. نسمةٌ في الرَّبِّ. ريحٌ.

 

 

 

1-5

لا تُقـيمـوا نُصْـبـاً تَذكاريّـاً. دعـوا الوردةَ

تُـزهـرُ كلَّ عام لتبجيـلـه.

لأنـّه أورفيـوس. إنَّ استحالتَـه

في هذا وهذا. لا عَـلـيْـنـا أن نُجـهِـدَ

 

أنفسَـنا بأسماءٍ أخرى. هـو أورفـيوس مـرّةً وأبداً،

عندمـا يكون غـنـاء. إنَّه يجيء ويروح.

أإنَّـه ليس بكثـير عندما يتجـاوز بقـاءَ 

إناءَ الورد بضعـةَ أيام أحيـاناً؟

 

أوه كيف يجب أن يختـفيَ ليجعلَـكمْ تفهمـون!

وحتى إذا كان نفسه فَـزِعاً أيضاً عندمـا يختفي.

بينمـا تتجاوز كلمتُـه وجودَنـا هنـا.

 

إنّـهَ هنـاك من قبلُ، من دون أنْ تلاحِـظـوا.

أوتارُ قيثـارتِـه لا تُـوثِـقُ يَـديْـه.

وهْـوَ يطيـعُ في كلِّ ما يتخطّـى.

 

 

2-13

توقَّـعْ كلَّ فـراقٍ أمامـَك، كما لو أنَّه

وراءك، مثلَ الشِّتـاء الذي يمضي حتماً.

وإنَّ بين الشِّتاءات شتاءً لا مُتَـنـاهِيـاً،

بِسُبـاتٍ فقط يستطـيع قلـبُـك تَحَمُّـلَـه.

 

كنْ ميّتـاً دوماً في يوريديس، ارتفـع مُغـنِّـياً،

وارجَـعْ مُطْـرِيـاً في سيمـاء صافيـةٍ.

هنا بين المُتَـوارين، كُـنْ، في ملَـكوت الانحدار،

كُـنْ القدحَ الرنّـانَ، الذي تكسَّـرَ من رنـيـنه.

 

كُـنْ – واعْـرِفْ في الوقت عينِـه حالةَ لاوجودِك،

السببَ اللامُـتَـناهيَ لتـأرجُـحِ ذاتِـكَ الدّاخلـيّـة.

التي أنجَـزتَـها كُـلِّـيّـاً هذه المـرّةَ الفـريـدةَ.

 

ثّـمَّ لتكـونَ مُستَـهـلَـكاً مثلَ المخـزون البلـيد

والصّـامت للطّبيـعة الممتـلـئة، أضِفْ

نَـفْسَـكَ ببهجـةٍ إلى كميّـاتها الهائلـة ودَمِّـرِ العَـدَّ.

---------------------------------------------

 

أورفيـوس

 

في المـيثولوجـيا اليونانية كان أورفيـوس، 600 سنة قبل الميلاد، ابن كاليوب   Calliope ( إحدى الآلهات التسع – بنات زيوس – كبير الآلهة ) إلهة العلوم والفنون واِبن إيكَـرُوس Oeagrus ملك ثراسيا ( الآن هي بلغاريا ورومانيا وتركيا)، ويقال أيضاً إنه ابن أبولـو- ابن زيـوس- إله الشعر والموسيقى والرقص والطب وإله النور أيضاً. واستعيرت هذه الأسطورة من الثوراسيين ( الهنود الأوروبيين). 

كان أورفيوس شاعراً وموسيقاراً كبيراً، يسحـر بغنـائـه الحيوانات الوحشيّة  

ويحرك الأشجار والحجر. ويعتبر الممثلَ الرئيسَ للفنون والقيثارة والغناء       . وعندما توفيت زوجته يوريديس Eurydice ( في الألمانية أويريدِكَـه Eurydike ) بعضّة أفعى، ذهب إلى الدنيا السّـُفـلى التي كانت تحت سيطرة هادس Hades ( ملك الأموات ) وأخ زيوس، ليعيدها إلى الحياة مرة أخرى في الدنيا العليا (تحت سيطرة زيوس). وقد فُـتِـن هادس بغنائه فأحيا له يوريديس شرط أن يمشي أمامها ولا ينظر إلى الخلف حتى يصل سطح الأرض. ولكن حالما وصل أورفيـوس وزوجته سطح الأرض نظر خلفه فانزلقت زوجته إلى باطن الأرض مرة أخرى وإلى الأبد.

أصبح أورفيـوس حزيناً دوماً لا يُـواسَى واعتزل كلَّ نشاط بشري. وفي أحد الأيام صعد جبلَ بانغايون Pangaion ليحيّيَ ربّه عند الفجر، وتحت شجرة هجمت عليه نساء المينادة Maenadas المخلصات لديونيسوس (باخوس) ، إله الخمر والطرب والمرح، بالصخور وأغصان الأشجار، لأنّه لم يبجّـل سيّده السابق ديونيسوس، وذلك بانصرافـه عن النِّسـاء، فلم ينـلنَ منه مأرباً، لأنّ الأغصان والأحجار رفضت أن تضربه لرقّة غنائه، فهو مُحصَّـن من كل ّ الأشياء الجماد. ولكنهن أخذن يضربنه بأيديهن فمزقـنه إرباً إرباً ورميْـن رأسه في النهر، فطفا الرأس وأخذ يغنّي والنهر يسير به حتى استقر به المقام في جزر لسبوس Lesbos (جزر يونانية واقعة في بحر إيجة). إنَّ أورفـيوس، كما يقال عنه أيضاً، هو مؤسّس طقوس الديانة الأورفيوسيّـة.

كان أورفيـوس رمـزاً للتّحـوُّل ، فهو يُـغنّـي بين الموتى حيّـاً متنقّـلاً بين الملكوتيْـن، أو عالَمـيْ الأحياء والأموات.

 

خلّده ريلكه بخمس وخمسين سونيته كتبها أثناء كتابته مراثي دوينو العشر .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1538 الخميس 07/10/2010)

 

 

في نصوص اليوم