نصوص أدبية

الخادم الذي طار عقله / طلال معروف نجم

 كان لايبخل على صديقه حقا بما يقوم به من لحظات حب ومتعة . فنشأ ما يشبه الود  بين حبيبته الصغيرة وصديقة،بالرغم من انهما لم يلتقيا البتة. المودة مردها انها وجدت في غرفة النوم دوواين شعر شعبي مختلفة، خاصة لشاعرها المفضل "عريان السيد خلف" .  كانت صغيرة حقا في عمر لايتجاوز السابعة عشر، وهي كردية عراقية من منطقة باب الشيخ، الا انها تجيد قراءة الشعر الشعبي العراقي بطلاقة وكفاءة . فاخذت ديوان عريان، بعد ان قالت لحبيبها ان يخبر صديقه بذلك، على ان تعيده لاحقا،  لتستعيرغيره. شعر بأنها تلتقي مع صديقه كثيرا حتى في التوجهات السياسية. فصديقه ابن عائلة عشائرية كبيرة في محافظة بابل، الا انه يحمل توجهات سياسية ماركسية . يعيش في بغداد منذ ايام الدراسة الجامعية،  وحاليا يعمل موظفا حكوميا، وبعيدا عن زوجته واولاده الذين يعيشون في مدينة الحلة . كانت متعة صديقة ان يصيخ السمع له ليستمع الى ردات فعلها، وهي تمارس الجنس بقلة خبرة . فيضحك لما يخبره. قائلا له " ستكون خبيرة على يدك ايها الخبير".

                                          *

أخذها يوما الى  الشقة التي تقع ضمن بناية من طابقين،  بمنطقة الباب الشرقي الشعبية، تزدحم على جانبيها بالمحال . وتكتظ  بالمارة . فهي اذا في منطقة آمنة ولاينتبه لمن يدخل  اليها او يخرج منها .  عادة  تخلو من النزلاء طوال الايام بأستثناء شقة صديقه، فهي دائمة الحركة بالداخلين والخارجين. خاصة وان ضيوف صديقه من اصدقاء مدينته،  وخدم عائلته هناك يفدون عليه دائما، لكن طبعا بعد ان يمروا على دائرته الحكومية لأخذ نسخة من مفتاح الشقة. اوقد يطلون على الشقة مباشرة  دون الرجوع اليه في دائرته .  فقد كانت الباب الرئيسية لا تغلق الا ليلا. حدث ذات يوم ان اغفل غلق باب الشقة فهو مطمئن، الى ان ساعات الضحى عادة لازائر متطفلا قد يقتحم عليه خلوته مع حبيبته اللذيذة ايما لذة. بحكم ان صديقه في العمل لايعطي نسخة اخرى من المفتاح لأحد في هذه الفترة،  لعلمه بأنهما الان هناك.

                                                     *

كانا  يتعريان بشكل كامل. الا هي فتبقى فقط  بسروالها الداخلي الابيض عادة. وهو يفضلها هكذا، فذلك يشعره  بأنه مع عذراء لا مع أنثى محترفة. وتكون له كامل الحرية ان يمر على كل اعضائها الانثوية، الا ما خفي تحت سروالها الداخلي . اعتاد ان  يطيل النظر الى عينيها،  خاصة لحظات اللذة، فتتحولان الى جمرتين محمرتين تحيطان بحدقتي العينين الخضراوين الجميلتين. لاتنبس البتة ببنت شفة . ولا تتحرك اية حركة الا اذا هو اراد،  فيقلبها يمينا اويسارا حسب ما يتطلب الوضع. او يرفع من رأسها ليقربه الى وجهه، انذاك يمر بشفتيه على عينيها المتوهجتين ايما توهج . يلثمهما بتوأدة وروية، كظمآن يروم الارتواء دون عجل من امره . لم يحدث ان طلبت منه التوقف، أو الأستئذان  بالرحيل. فهي أذ معه. . . اذن ..  فهي  في أمان . الا اذا هو قرر ان يغادرا الشقة، انذاك تنهض لتنظف سروالها الداخلي وترتدي ملابسها .  اعتاد ان يراها لاتلتفت الى تصفيف شعرها، او النظر في المرآة الصغيرة بغرفة النوم، وهي تغادر السرير. كل ما تفعله ان تدخل اصابع يديها الدقيقتين الى خصلات شعرها، ثم تنفض رأسها فيعود شعرها الكستنائي الى سابق تصفيفه . في هذا اليوم الذي اغفل فيه اغلاق باب الشقة، وهما في قمة الالتحام الجسدي، نطقت بما لم يألفها  النطق البتة وهي تحته قائلة .

ـــــ هناك  من يقف عند باب الغرفة

أنتفض من فوقها، ولما تزل هي  ممدة  وعارية على السرير، الا بسروالها الابيض الصغير، صغر اعضاء جسدها البض. ليجد شابا قرويا فارع الطول قد أحكمت وقفته   مدخل الباب تقريبا، وقد رفع يده اليمنى ليحجب البقية الباقية من الباب . فاغرا فاه كالمعتوه. وقد زاغت عيناه وجمدت في محجريهما وراح يتصبب عرقا، وبدا له أصفر البشرة كمن فقد دمه كله في هذه اللحظة . سارعا في ارتداء ملابسهما، فيما لم يغب بنظره عن الغريب المتطفل هنيهة. اصبحا على استعداد لمغادرة الغرفة، والقروي المتسمر في مكانه لم  يتحرك أي عضو من جسده .  هنا ودون ان يطلب منه التنحي عن الباب، انزل يده اليمنى، التي احجبت جزءا من الباب، ودفع بصديقته الى الخارج وتحرك خلفها بخفة . وما ان ادركا باب الخروج من الشقة، راوده شعور بالتطفل  للنظر الى هذا الغريب، فوجد العجب او الاكثر غرابة، اذ لم يتحرك من مكانه، او حتى لم  يلتفت  شطرهما.

                                             *

في صباح اليوم التالي وبينما كان يسلم مفتاح الشقة لصديقه، وجده يطلق ضحكة عالية  وهو يقول .

ـــــ لقد قضيت على خادم  العائلة، وربما فقد عقله، فطلب الفرار الى الحلة فورا، دون ان يبيت ليلة في بغداد .   

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1539 الجمعة 08/10/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم