نصوص أدبية

سِفرُ الخروج / عبد الستار نورعلي

 

جسدٌ واحدْ

روحانْ

ضلعٌ مكسورْ

ومعادلة ُ اللُحمةِ والتفاحةِ والأفعى

وبرايا التيهِ الأكبرِ في أسفارِ الرأسِ

وصحراءِ العينينِ

وقفل ِ الأذنينْ ،

 

اخصفْ

فوق العورةِ غصناً ،

اقطفْهُ من شجرِ الجنةِ،

والتينُ  والزيتونُ  والأعنابُ

والنخلُ  ذاتُ الأكمام

ضاعتْ منْ بين يديكْ !

 

اغرزْ

في عينيكْ

شوكَ البريةِ ،

أنكيدو سقطَ

في حضنِ الضلعِ فهامَ

في لغزِ الغاباتِ الكبرى ...

 

تتوالى الرحلةُ ....

مابينَ اللذةِ في النومِ

وحانةِ سيدوري ،

تشربُ منْ كأسِ القابلِ منْ أيامْ ...

 

قابيلُ اللعنةِ يستلُّ الخنجرَ

يغرزهُ في ضلعِ الضلعْ ،

وغرابُ البينِ الأسودُ كتابٌ

في مقبرةِ الصدرِ المُشرَعِ للطعنْ ...

 

سالومي

قطعتْ رقصتها في منتصفِ طريق الهوةِ

تقدمةً للرأسْ

في صحنِ الغادرِ من ضلعِ هيرودوتسَ ،

 

هيروديا

تدخلُ في جسدِ الأفعى ،

 

هي قافيةٌ من لحمي

تلتفُّ على جسدي مثلَ الحيةِ

الناعمةِ

ساعةَ ترتدُّ الى الصدرِ

تلقيهِ في نارِ المرآةِ الكاشفةِ

في دارِ الكاهنِ من أيامِ أبينا آدمَ

والشجرهْ.

 

المعبدُ

مشروعُ معاقرةِ الحبِّ الآثمِ

بكأس الضلعِ الأيسرِ بجوارِ القلبْ ...

 

عندَ ضفافِ النهر ِ

في ليلةِ اشراقِ البدرِ

جلسَ العاشقُ وحيداً في الضلعْ

يعزفُ نايَ حنينِ الرقصْ

نيرانَ الجسدِ المعمودِ

بنداءِ الشهوةِ في أمواجِ البحرِ ،

يعزفُ ....

يعزفُ ....

حزيناً

مثلَ الطيرِ الحائمِ فوق الموجِ

حتى الفجرِ ،

فالأضلاعُ المنحوتةُ بالصبرِ

تهتزُّ على إيقاعِ صهيلِ الصدرِ

في شجرِ النهرِ ،

 

الجبلاوي *

يزرعُ قنديلَ العشقِ النازفِ فوق الجبلِ

فناراً

والعشاقُ المحرومون سرايا تنتصبُ على السفحِ

تراتيلاً

مثلَ فراشاتِ النارِ ،

 

ابسط ْ نعليكَ على الرملِ الحارقِ

سِـرْ

صوبَ الخيمةِ حيثُ القديسةُ والابنُ

يلتحفانِ رمالَ الأرضْ !

 

روحُ الأرواحِ يزفُّ البشرى :

طوبى للضلعِ المكسورِ ،

فاكهةُ البستانِ المعمورِ

بشظايا الحبِّ نبيذ ُ القلبْ !

 

اشربْ

منْ نبعِ الضلع المنذورِ هناكْ

خمرَ الصحوةِ

وضوعَ العشق الساري سراجاً

في طورِ سنينَ وذاكَ البلدِ ،

 

مَنْ كانَ الحاملَ حَجراً يرميهِ

فلينظرْ في المرآةِ المصقولةِ

منْ أضلاعِهْ ،

 

ليلى

مِـنْ  قلبِ الهائم ِ موجوعاً

مخموراً بنداءِ الضلعْ ،

الأضلاعُ المكسورة ُ لم تُجبرْ

حتى القبرْ،

ظلَّ الجسدان جسدينِ منفصلينِ ،

والروحُ الواحدة ُ

في كأسِ النارِ

ورمال ِ البيدِ

وألسنةِ السُمارِ ....

*  *  *  *

 

كانت ليلة َ عيد الفطرِ

أمي تحضنني

بين ضلوع الدفءِ تحدّقُ في عيني:

ـ لا تيأسْ من رحمةِ ربكَ ،

فالقادمُ من أيامٍ يتجاوز تاريخَ المحنةِ

حيث الخبزُ هو الحلمُ ،

وثوبُ العيدِ سرابٌ ،

لكنْ حضني يسعُ العالمَ

حينَ أراكَ تفكُّ الوجهَ

تضحكُ

تتغازلُ

تحكي عنْ أيامِ شقاواتِ الأيامْ

والأحلامْ ،

قلبي مفتاحُكَ يومَ تقفُ ببابِ اللهِ تناجيهِ ،

لا أقدسَ ساعةَ تحلمُ ،

لا أجملَ ساعة َ تفرحُ ،

لا أتعسَ ساعةَ تحزنُ ، تكتئبُ ،

فأرى عينيكَ تقولان ِ

متى نخرجُ فوقَ الأرضْ ؟!

 

تخرجُ ساعةَ أفتحُ أضلاعي

كي ترويكَ ،

فاصبرْ

روحي فداكَ

أنتَ الضلعُ الأكبرُ منْ أضلاعي ،

 

في يومٍ من ايام  ربيع العمرِ

دخلَ حكيمُ الدارِ أبي في صدري ، فقالَ :

ضلعي يحملني ، أحملهُ 

في السراءِ وفي الضراءْ ،

فالرحلة ُ في العالم ِ هذا

من غيرِ الضلع يبابْ

والقلبُ خرابْ .

لا تسألْـني إنْ كانتْ تهواني

أو أهواها

فالتفاحةُ شاهدة ٌ،

والسِفرُ خروجْ !

*  *  *  *  *

 

اللهُمَّ اقطعْ ضلعاً منْ أضلاعي ،

واجعلْ منهُ رغيفاً للضلعِ وملحاً للجسدِ

وكأساً منْ نهرِ الفردوسْ ،

فالخبزُ ، الملحُ ، الماءْ

جسدٌ واحدٌ

منْ تاريخ ِ الأسماءْ.

 

ضلعكَ ، ضلعي ، أضلاعُ النارِ

تتشابهُ في قصةِ تلكَ الأفعى والتفاحةِ والشجرهْ،

فمقاماتُ العشقِ الأعلى رسمتْ خارطةَ السردِ

والخلقِ ، وتأصيلِ الضلعْ

منْ قبلِ البدءِ الأول ِ والأيام ِ السبعةِ

وتراجيديا خروجِ الأضلاعْ ،

 

.....................

* الجبلاوي : بطل رواية (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ

 بدأتها الأربعاء 1 نوفمبر 2006

اكتملت الأربعاء 22 نوفمبر 2006  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1539 الجمعة 08/10/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم